ضفادع مأمون.. سيرة جابت السيرة

مقطع فيديو ظهر فيه وزير الصحة السعودي السابق أحمد الخطيب، في نقاش مع مواطن سعودي طلب من الوزير توفير سرير، فرافقت عبارات رده عليه نبرة صوت غاضبة.. تسبب هذا المقطع وتسببت تلك النبرة الغاضبة في طرد الوزير بأمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين أول أمس.

مقالنا في نفس ذلك اليوم أول أمس كان يدور حول إقالة مدير الصيدلة بسنار بسبب إغلاقه لصيدلية مخالفة لأحد أقرباء الوزير.. وقد جاءنا هذا الشاهد الإسعافي في حكاية الوزير السعودي دليلا ًآخر على المفارقة بين حالنا وحال الآخرين لنستأنف استياءنا عسى ولعل القيادة تشعر بشيء من الغيرة لو قارنت بين الحالتين..

مقطع الوزير السعودي الذي تسبب في مغادرته بأمر ملكي لا يساوي شيئاً أمام حديث مأمون حميدة المستفز للمواطنين حين تحدث في جلسة جادة بالمجلس التشريعي العام الماضي رداً عن سؤال حول البعوض والذباب والضفادع في موسم الخريف وهو يقول وبكل استخفاف إن الضفادع بها بروتينات ويدعو حسب الخبر الى الاستفادة منها.. ما جعل الناس يفهمون المعنى المباشر والواضح والمستفز بكونه يدعونا لأكل الضفادع..

والأدهى والأمر أن مأمون حميدة لم يعتذر عن هذا التصريح بل كانت كل تعليقاته اللاحقة تتحدث عن احتفائه بما أثاره هذا التصريح من جدل وما وصفه بأنه (إبداع فني) عبر الكاريكاتيرات والأشعار والأحاديث الساخرة..

نظر مأمون حميدة إلى آثار تصريحه من زاوية غريبة جداً وبنظرة ضحلة وظل يكرر التمسك بها حتى وقت قريب وحين حاوره العزيز ضياء بلال في برنامجه فوق العادة بقناة الشروق كرر مأمون حميدة نفس هذا الحديث المؤلم الذي يردده بأنه مستمتع بسخرية المواطنين من تصريحه الشهير تصريح الضفادع.. وكأن الرجل لا يعرف أن الكاريكاتير ليس مجرد مادة هازلة للضحك وتزجية الوقت.. بل هو قالب من قوالب الصحافة وفن من فنونها ووسيلة تعبير مفصحة وجادة.. على ماذا تضحك يا بروف؟.. وما هو الشيء المفرح في موجة استياء أحدثتها تصريحات مستفزة لمواطن يعاني من آثار وويلات وأمراض بسبب تردي البيئة والمياه المتجمعة المسببة للأمراض..

الشيء الذي يغيظ أن محاولات مأمون حميدة لإحالة قضية الضفادع إلى أسوار الملاهي وجلسات السمر الحميم كانت تتم هذه المحاولات دون أي نوع من أنواع الاعتذار على طريقة (لو كنتم فهمتم أنني أقصد كذا فإني أعتذر عن ذلك) هذا أبسط شيء كان من المتوقع تقديمه من بروف وأستاذ لأجيال من الاطباء وكان قد تفوه بتصريح نعتبره جارحاً ومستفزاً.. لكنه لم يفعل ذلك إطلاقاً بل ظل يكرر احتفاءه به..

قضية الوزير السعودي الذي أقالته نبرة حديثه وليس لفظاً أو كلمة ناتئة تفوه بها، يجب أن نتوقف كثيراً عند هذه القضية.. نتوقف عندها ويتوقف المسؤولون للتدبر فيها لأنها لم تحدث في أمريكا ولا بريطانيا بل حدثت في دولة عربية جارة وشقيقة.. يجب أن تستوقفكم تلك الحادثة لتنتبهوا بأن قطار العالم تركنا وحيدين في محطة المجاملات وعدم المساءلة..

القطار مضى وصرنا نشعر بمسافة كبيرة تفصلنا عن الجميع.

لا شيء اسمه إبداع فني يا بروف فتلك كانت أنات متوجع.. ولا شيء يجعل وزير الصحة في سنار موجوداً في منصبه بعد قضية صيدلية الدندر لو كنا نستخدم كسرا بالمائة من المعيار الذي تم به طرد وزير الصحة السعودي من منصبه أول أمس.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

Exit mobile version