الزول بونسو غرضو

فى صحف أمس الأربعاء أعظم خبر طالما انتظرناه طويلاً وهتفنا به كثيراً في المحافل والمنابر.. يقول الخبر (وزير الزراعة السعودي في الخرطوم).. فلقد انتهيت منذ وقت مبكر إلى قناعة راسخة بأن هذه الأمة لن ترفع لها راية ولن تقوم لها قائمة ما لم تصنع أمنها الغذائي بيديها.. ولن يصنع هذا الأمن الغذائي إلا إذا تحالف النفط الخليجي مع الأرض السودانية البكر والسواعد الصعيدية المصرية الممكنة والمكننة.. لم يكن هذا التحالف ممكنا قبل (عاصفة الحزم) التي يبدو أنها ستحسم كثيرا من القضايا المفصلية العربية.. لم يكن مسموح لمصر والخليج أن يستزرعوا في السودان قبل هذه التحولات الدراماتيكية.. السودان الذي يمتلك أكثر من مائتي مليون فدان صالحة للزراعة تجري من تحتها الأنهار.. وقد امتلك الرئيس المصري السابق (الكنز الصهيوني) حسني مبارك الجرأة للقول (بأن واشنطن مابتسمحش بأن يستزرع في السودان)!! ذلك لتظل مصر (أعظم دولة عربية وأكبر دولة مستوردة للقمح في العالم) لتظل مرهونة القرار مسلوبة الإرادة وهي تنتظر الشحنة الأمريكية السنوية من القمح.. ليس هذا فحسب، بل إن هذه المنحة الأمريكية منصوص عليها في اتفاقية كامب ديفيد.. على أن تورد واشنطن معونات سنوية بقيمة مليار وثمانمائة مليون دولار مقابل أن لا تشهر مصر سيفها في وجه إسرائيل.. وهذا هو الوضع الذي أفضى إلى تراجيديا جريرة (التخابر مع حماس) والتنسيق بين الجيشين المصري والصهيوني (لملاحقة الإسلاميين!! )

لهذا وذاك رأيت دائما أن قصتنا العربية الجميلة تبدأ بالقمح وليس بالقمع.. وأجزم أن واحدة من الأشياء التي عجلت برحيل وخلع الرئيس محمد مرسي.. إنه في عام واحد ارتفع بإنتاج القمح في مصر من ثلاثة إلى سبعة ملايين طن.. ليس هذا فحسب بل إنه أقسم بأن يصل إلى اثني عشر مليون طن وهو بالكاد ماتستهلكه مصر في العام.. فضلاً عن نية الاستثمار في السودان.. ليس لأجل السودان ومصر ولكن لصناعة الأمن الغذائي العربي !! رئيس بهذه الجرأة لابد أن يكون مكانه الطبيعي السجن ولا مكان آخر غير السجن !!

على أن عملية الانفكاك التدريجي من الهيمنة الأمريكية بدأت عندما خذلت واشنطن حلفاءها التاريخيين الخليجيين.. عندما لم تذهب لخلع نظام بشار الأسد.. ثم تمادت أكثر وهي تتفاهم مع إيران وتتماهى مع التمدد الشيعي في المنطقة والمنطق.. لحظتها بتنا ننتظر قائداً أسطورياً عربياً يخرج من جهة الجزيرة العربية ليقلب الطاولة على الجميع.. ما أشبه الليلة بالبارحة.. فكان هذا القائد الجسور بامتياز هو الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله بنصره وحفظه.. وأكرر حفظه الله بعينه التي لا تنام فقد أعاد إلينا بطولات الفيصل.. آه لو أننا وجدنا ناصراً جديدا !!

إذن الرياض التي خرجت بجيشها إلى عاصفة الحزم لم تكن بحاجة إلى أخذ إذن من أحد لتبعث وزير زراعتها إلى الخرطوم.. الخرطوم العضو المؤسس في مؤسسة عاصفة الحزم، وفى ذات الوقت تبعث برسالة إلى كل الدنيا.. على إن هذه الأمة بإمكانها أن تؤسس لحلف عربي إسلامي دولي يمتلك غذاؤه وجيشه وإرادته.. على أن الخطوة الأولى تبدأ من هنا.. من تعانق أرض النيلين الطاهرين مع أرض الحرمين الشريفين ..

والله متم نوره ولو كره الكافرون..

Exit mobile version