لا يدرك أهمية الأكسجين الا من اختبر مغبة الإختناق، حين تطبق أياد قوية على صدرك فلا يرتد شهيق أنفاسك إلى رئتيك إلا وقد شخصت عيناك!
هذا ماتكون عليه روحي كلما غاب عبير أنفاسك عن محيط أجوائي! يحيط الاختناق بأيامي.. وتشخص عينا حياتي في ترقب واجف.. تتضرعان لبعض نسيمك كى يعبر خياشيمى فتزفر رئتاي كل الدخان الأسود العالق بجوفي حاجبا الارتياح والاندياح!
يالسحر أنفاسك!.. لا أظنها تنتمي لذلك الثاني أكسيد الكربون الذي تخرجه الأنوف في العادة كآلية للتنفس البشري الفطري.. إنها حتما شيء آخر.. سر إلهي.. أسبغ الله عليها حلاوة وعطرا نفاذا ذا خصوصية!
أقسم أنني أميز رائحة أنفاسك ولو كانت في زحم من الأنفاس المتكدسة والمتداخلة في محيط جغرافي لاحتشاد ما!
سأعلم فورا أنك بين الحضور، من ذلك النسيم العذب.. والأريج الطيب.. الذي كان دائما شذى لروحي العاشقة المغرمة.
وكلما لفنا ذلك الشعور الحميم اشرأبت لهفتي على أصابع قدمي لتنهل من شذاك، لشدما أحرص على استنشاق ذلك الهواء الساخن الذي تجود به فتحتا أنفك ليرطب أجواءنا ويعطرها.
ذلك الزفير العابر رئتيك حاملا من وجدانك كل طيبتها وحنانها وتأجج عاطفتها وصدقها، ممتزجا بهرموناتك الذكورية التي تعرب عن رجولة خاصة.. تمر خلال أوردتك وشرايينك فيلفحها دمك الساخن المعربد تحت جلدك ساردا حكايتك الطويلة مع الكرم والشجاعة و(حرارة القلب)!..
كل هذا يتجمع ليخرج علينا زفيرا عجيبا يتلوه شهيق أناني.. يقاتل كى يحتفظ بكل ذلك داخل صدرك، ويتمنى لو يظل حبيسا بين جوانحك متمتعا بوجوده المنعم بين جنبات روحك.
فسبحان الذي وهبنا نعمة التنفس.. ثم كتب علينا أن نتنشق رحيقك يوما وندمنه.
سبحان الذى جعل عبيرك شذى لأرواحنا المنهكة المختنقة بفعل الغبينة والإحباط والهموم المترادفة.. وجعلك متكأ وارفا نستريح فيه من رهق الحياة ونتنشق منه بعض النسيم العليل المضمخ بالأكسجين النقي الذي ينقي دمنا من الملح والكولسترول.. ويعمد جوانحنا بنفحات عطرك.. ويا لعطرك الممزوج بأنفاسك.. إنه حكاية منفصلة ربما لم تخطر بعد ببال بيوتات العطور العالمية لحسن طالعي.
تلويح:
شذى زهر.. ولا زهر..
فأين الظل والنهر؟
ربيع رياضنا ولى.. أمن أعطافك العطر؟!