حدث ما كنت أتوقعه!

أسئلة من الجيل الشاب الذي دخل في سن التصويت خلال الفترة من أبريل 2010 إلى أبريل 2015، أسئلة عن التصويت وأيامه، وأسئلة متأخرة عن التسجيل… نعم صحيح… هنالك أسئلة من كل الشرائح العمرية، ولكن هذه الشريحة بالذات متمسكة بحقها في التصويت، لصالح المؤتمر الوطني أم ضده، أو حتى بإلقاء الورقة “فاضية”، ولكنهم بأي حال يريدون الدخول لكابينة الاقتراع ليمارسوا حقهم الدستوري الذي تكفله كل مواثيق حقوق الإنسان الدولية.
لماذا هذه الشريحة بالذات؟ سيقول بعض “المتغطرسين” لأنهم صغار في السن ويفتقدون الوعي السياسي؟!
غير صحيح، وهذا نفس الذي قيل عن شباب التغيير في بواكير موجة الربيع العربي، لدينا تحفظ على سهولة سرقة الثورات من بين أيديهم بعد أن يموتوا فيها وتسيل دماؤهم ولكن يجب أن نُقِر ونعترف بمقدرتهم وصمودهم وصدقهم في الرغبة في التغيير والإصلاح.
هؤلاء الشباب، اكتسبوا حقهم الانتخابي ولا يريدون التفريط فيه أبداً، وحتى الشريحة الأكبر منهم سناً والتي قاطعت في 2010 أو أهملت الانتخابات وكانت مترددة في ممارسة حقها بسبب دعاية الأحزاب أن النتيجة محسومة وأن الانتخابات تحصيل حاصل، أو أنها مزورة. هؤلاء أيضاً وهم في بداية الثلاثين حالياً يريدون ممارسة حقهم الانتخابي لأنهم أضاعوه في الفترة السابقة بسبب دعاية فصائل سياسية وفقاً لأجندتها وأهدافها.
كانت هذه الفصائل تراهن على سقوط النظام بعد هبة شعبية سلمية أو بسبب الحصار الأجنبي أو…
اتضح أن الهبة السلمية قابلة للاختطاف من الحركات المسلحة في قارعة الطريق، واتضح أن هذه الفصائل تعوزها نظارة تصحيح نظر سياسي لأنها فاشلة في القراءة السليمة والتوقعات الصحيحة للأحداث السياسية ووسائل تأمين الثورات من الاختطاف والسرقة في وضح النهار، ولا يشفع لها أن الرأي العام… حيثما هو “رأي عام” من السهل جداً تعبئته ضد الحكومة، لأن الحكومة حيثما هي “حكومة” غير محبوبة في كل بلاد الله، ويضاف إلى ذلك أن السودانيين أقرب للملل من الأمور لو تكررت وطالت فترات مكوثها.
رغم كل هذا… اتضح جلياً… لو أن الحكومة بعيدة عن أشواق الجماهير بمقدار فرسخ، فإن تلك الفصائل أبعد من الجماهير وأشواقها…. بُعد المشرق عن المغرب… ولذلك لا حقَّ لها أن تنظر وتفكر للجماهير.
التصويت… عند هذا الجيل بكل صراحة…. ليس رسالة للحكومة… ولا رغبة في تغيير النتيجة، ولكنه رسالة لتلك الفصائل، والشاب يريد أن يقول… الحق حقي أنا، وأنا الذي أحدد أنني أمارسه أو لا أمارسه، ولا أحد على وجه الأرض من حقه التقدير السياسي وإملاء القرار علي، ولا أحد ينزل عليه الوحي من السماء، وبناء على ذلك يعلن للسودانيين أنهم لو قاطعوا الانتخابات ستسقط الحكومة، ولو صوتوا ستستمر.
الرسالة من هذا الجيل… أنني أمارس حقي وقتما أريد، وليس وقتما يريد الآخرون.
ممارسة الحق الدستوري الإنساني، في حد نفسها تجربة جديرة بأن يقوم بها المواطن، ولا يهم نوايا الأحزاب والحكومة، المهم التمسك بالحق الفطري الطبيعي الأصيل، لأن التفريط فيه مؤقتاً يعني ضياعه.
هذه الورقة التي تحملها يد مواطن وترمي بها الصندوق، حق يجب ممارسته كل خمس سنوات، ويجب على الحكومة تنظيمه وحماية نزاهته، ويجب على القوى السياسية المشاركة فيه وكشف عيوب الممارسة من داخل العملية، كل هذه فروض وطنية، لو قصرت الحكومة في واجبها أو المعارضة في رقابتها، المواطن سيقوم بواجبه ويلقي باللوم على الطرفين… هذا هو المنطق السليم، وهذا هو الذي سيحدث يوم الثلاثاء المقبل، ولو ضجت الأسافير بالدعاية ضده، لأنه قرار جماهيري شبابي وليس قرار حكومي أو معارض.

Exit mobile version