في العام 2003م اضطرت وزارة التربية والتعليم، إلى إعادة امتحانات الشهادة الثانوية، أو (السودانية) بعد أن تعرضت الامتحانات لهزة غريبة وحادثة هي الأولى من نوعها في تاريخ امتحانات السودان، فبعد أن أكمل الجالسون امتحاناتهم اكتشفت الجهات المسؤولة أن الامتحان قد تسرب إلى أيدي الطلاب عبر جهات غير معلومة، بعدها قامت الوزارة بإعادة الامتحانات في شهر يونيو من ذات العام، إلا أن هنالك عدداً كبيراً من الطلاب أصيبوا بحالة نفسية ومنهم من (جَنَ) وترك الامتحان، وذكرت أن بعض الذين رسبوا في الامتحان (المعاد) جعلوا شماعتهم هي إعادة الامتحانات.
وما دفع لاستدعاء تلك الحادثة، هو الأحداث الغريبة التي صاحبت امتحانات الشهادة السودانية لهذا العام، فبعد جلوس الطلاب للامتحان الأول، وكان التربية الإسلامية والمسيحية، ذهل الشارع السوداني بأكمله من الحادثة (الأكثر غرابة)، وهي حادثة مدرسة الريان، التي كانت نتاج طمع وجشع راح ضحيته خمسون طالباً، فوجئوا بالجلوس لامتحان (مغاير) عن الذي جلس له زملاؤهم في (قلب الخرطوم).
وبغض النظر عن موقف الوزارة الاتحادية والولائية، ومسؤوليتهما عن ما حدث، إلا أن معالجة الكارثة هي ما يتطلب الوقوف عليه والوقوف عنده، فأي معالجات غير مدروسة من شأنها أن تضر بسمعة الامتحانات، التي يعتبرها الكثيرون آخر ما تبقى من (هيبة) التعليم في بلادي.
وبعيداً عن مدرسة الريان، يجب الوضع في الاعتبار ما حدث هناك في جنوب كردفان، في منطقة هبيلا، حيث لم يتمكن طلاب ست مدارس، من الجلوس لامتحان مادة الرياضيات، بسبب ما تعرضت له المدينة من اعتداء (غادر) من الحركة الشعبية شمال، وفي هذه الحالة أيضاً لا ذنب للطلاب أو الوزارة، ولكن تبقى المعالجات المنتظرة هي محل التساؤل.
وبعيداً جداً عن الريان وهبيلا، رشحت أنباء واردة من اليمن السعيد، منع طلاب سودانيين من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية في المراكز التابعة للسفارة السودانية هناك، وذلك كرد فعل من (جماعة الحوثي) على مشاركة الجيش السوداني في عملية (عاصفة الحزم).
إذن فإن امتحان الشهادة السودانية، والطلاب دفعوا أثماناً باهظة لمواقف لا علاقة لهم بها، فقطعاً لا يوجد طالب ثانوي واحد، يقدم على تزوير الامتحان ورقم الجلوس، أو يحمل السلاح ضد النظام، أو يحلق بمقاتلة نفاثة مع النظام، لكن يبقى الواقع أن ما حدث قد حدث.
اتفقنا أو اختلفنا فإن امتحانات الشهادة الثانوية، تتمتع بسمعة ومكانة خاصة (وهيبة) في سلم التعليم السوداني، لدى الأسر والدولة معاً، لذلك فإن وزارة التربية والتعليم، مطالبة بوضع معالجات مدروسة وبعناية وغير متعجلة، تضمن تحقيق المنافسة الشريفة والعادلة، خاصة وأن هناك الكثير يدور حول الامتحانات والتصحيح وما إلى ذلك.
محمود النور
صحيفة التغيير