حرب شوارع المواتر

فجأة انتبهت إلى أن نبرة صديقي تتغير بعد المكالمة الهاتفية، وأصبحت تكسو ملامحه مسحة حزن أثيرة.. يُعد المهندس عوض الكريم أحمد حمزة واحداً من أميز وأشهر المهندسين الذين يديرون عملية الصرف الصحي بمحلية الخرطوم بحري.. وهو زميل دراسة ورفيق رحلة ممتعة وممتدة وبيننا أرحام وأشجان وذكريات.. في ظل تراجيديا الحياة الضاغطة ظللنا نحتفي بالسوانح النادرة التي تتيحها لنا الأقدار.. سألته بقلق ما الذي يجري؟ قال لي هذا هاتف من ابنته الجامعية بأن بعض المجرمين نهاراً جهاراً قد أخذوا هاتفها الجوال.. على أن هذه هي المرة الثانية التي يتكرر فيها هذا الفعل الجبان.. ففي المرة الفائتة تمكنوا من خطف شنطتها ولاذوا بالفرار.. يحدث هذا الفعل ويتكرر بضاحية الكلاكلة بالخرطوم و..

* قبلها بأسبوع حدث هذا الأمر لابن أختي محمد حاج حمد وعلى خط مشاه جسر المنشية وسط إضاءة كاشفة.. خسر محمد يومها هاتفه الذكي وكسب ضربة ساطور.. فلولا لطف الله لفقد حياته وهو يحاول مقاومتهم.. وفي المقابل لم تمض شهور على فقدان ابننا محمد علي الأمين جهازه الذكي أيضا وهذه المرة بحي الفيحاء بشرق النيل.. وأتصور أن أي واحد منكم يحتفظ بنسخة مكررة من جرائم الدراجات البخارية وخطف الشنط والجوالات.. مع استخدام آلة الساطور في بعض الأحيان.. بل هذا ما تحفل به صفحات حوادث الجرائد يوميا و.. و..

وتكمن خطورة حالات الاختطاف هذه وجرائمها الجريئة في أنها تصيب الحكومة في أعز ما تملك وتراهن.. أعني نعمة الأمن وقيمة الطمأنينة التي يعيشها المواطنون التي ربما من أجلها يذهبون إلى صناديق الانتخابات.. فإن همو ذهب أمنهم ذهبوا.. ونحن لا ندري إن كانت عمليات احتدام المواتر في هذه الأيام عادية ولا تخلو من أجندة إجرامية وسياسية !!

الرأي عندي أن انتشار الجريمة بهذه الجرأة مربوط بتقاعس وتراجع العقوبة.. فبطبيعة الحال والإمكانات ليس بمقدور أي حكومة في الدنيا أن تجعل في كل زقاق دورية أمنية وشرطية.. لكن في المقابل بإمكانها أن تجعل في كل شارع فرعياً كان أم رئيسياً رهبة ورعباً.. رعب يجعل المجرم يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على تنفيذ جريمة بهذه الجرأة واللا مبالاة.. وهذه هي تقريبا فلسفة شريعة ديننا الحنيف.. التي تجعل هناك رهبة على مسيرة شهر بأكمله.. فلو أن هنالك عقاباً رادعاً تتناوله الصحف وتتناقله الركبان.. لما حدثت مثل هذه الجرائم في فضاءات دارفور دعك من أزقة الخرطوم.. التي تقع تحت مرمى وزارات الأمن والشرطة وحكومات الولاية والمركز !!

على أن يصاحب نزول الحكم العاجل والرادع تنزل قيمة شهادة العذاب والعقاب وفقاً لقوله تعالى (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).. هذا أو (إن حرب شوارع المواتر وسواطيرها) ستذهب بهيبة الدولة وتسقطها في نظر المواطن !!

مخرج.. جربوا أن تقطعوا من خلاف وعلى رؤوس الأشهاد أرجل أحد هؤلاء الذين يعيثون في الأرض فساداً وينشرون الرعب والخوف، ثم انظروا في عاقبة الأمر !! فالشرطة تقوم بمجهودات جبارة في الضبط والإحضار لتبقى الأزمة في سرعة وحسم وحزم القانون!! فلئن لم يرق هذا الجرم الشنيع الذي يورق مضاجع الأسر إلى عقوبة الحرابة، فلتكن عقوبة مماثلة ورادعة وسريعة ومعلنة.. وحسبنا الله ونعم الوكيل..

Exit mobile version