حينما اصطدمت طائرات الشاب المصري محمد عطا ورفاقه، بمباني مركز التجارة العالمية والبنتاجون؛ خرجت مجلة النيوز ويك الأمريكية بسؤال جزع ومرتعب على غلافها:
لماذا يكرهوننا؟!
سؤال الكراهية، أصبح من الأسئلة الحاضرة في كثير من الصراعات.
حتى في أوساطنا الصحفية، تجد بعض الكتابات تفوح منها روائح الغل والغبن والحسد، وهذا الثالوث يكوِّن الكراهية كمشاعر وسلوك.
هي المرة الثانية، التي أشارك فيها بندوة ضمن أنشطة قسم الحريات وحقوق الإنسان، بشبكة الجزيرة بالدوحة، تحت عنوان عريض عن (حرية الرأي والتعبير في الوطن العربي، بين الواقع والطموح).
في 2009، كنت معقباً على ورقة الدكتور جابر الحرمي، رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية، وقبل أيام شاركت في مناقشة ورقة عن مناهضة خطاب الكراهية في أجهزة الإعلام.
كان تركيزي على أن سؤال حرية الرأي والتعبير، سيصبح بعد سنوات مع ثورة المعلومات والإعلام البديل، من أسئلة التاريخ، مثل الأسئلة التي كانت تطرحها ثقافة الحرب الباردة.
قريباً، سيملك كل فرد حرية التعبير عن نفسه، دون المرور بحارس البوابة في الإعلام القديم؛ فالعالم أصبح بلا أسوار، وبالتالي لا حاجة فيه لوجود أبواب، ومن ثم لا جدوى للرقباء.
في كل يوم يمضي، تكتسب وسائط التواصل الاجتماعي مساحات جديدة على حساب الإعلام القديم.
يتراجع توزيع الصحف، وتقل نسب المشاهدة، ويضمحل دور المذياع؛ في مقابل ازدهار وانتشار الواتساب والفيسبوك وتويتر.
صورة أو مقطع صوتي أو مادة مكتوبة متداولة عبر الشبكة العنكبوتية، قد تصنع كارثة أو تُسهم في تشكل رأي عام سالب أو إيجابي بفاعلية وانتشار لا تحققه وسائل الإعلام القديم.
خطاب الكراهية، يأتي عبر انتشار الشائعات والتصورات السالبة عن الآخر، وهي تصوُّرات تجمع في غالبها بين الخوف والاحتقار.
الخوف من مؤامرات يحيكها الآخر، قد تكون مُتوهَّمة، والاحتقار له بأنه أدنى قيمة أو أقل شأناً أو مجبول على الخبث والكيد.
قد لا نستطيع الحد من انتشار خطاب الكراهية مع بؤر الصراع المشتعلة، واحتدام النزاعات الطائفية والقبلية والإثنية؛ لذا
بدلاً عن الحديث محاصرة خطاب الكراهية، لماذا لا نسعى لتعزيز ثقافة التسامح عبر المناهج التعليمية والفنون ومبادرات منظمات المجتمع المدني، والاستفادة من وسائط التواصل الاجتماعي في خلق مبادرات ترمم تشققات الأبنية الوطنية؟
مع كل ذلك، من المهم دراسة خطاب الكراهية في كل مجتمع، وتصميم مضادات إعلامية له، لا للقضاء عليه، ولكن للحدِّ من تأثيره.