تعلق قلب ابني الصغير بالمساجد وكان يصر على مصاحبة والده للصلاة حتى قبل دخوله للمدرسة .. وبعد عودتهم ذات يوم من صلاة المغرب، حكى لي باستغراب عن فعل اتاه الامام واصابه بالدهشة والارتباك، فقد اخبرني أن الامام كان يتلوا سورة بعد الفاتحة وفجأة كبّر وهوى إلى الارض ساجدا .. تحير الصغير وارتبك فبعد أن همّ بان يركع خلف الامام، وجد ان جميع المأمومين نزلوا للسجود، ففعل مثلهم وهو يحسب في نفسه بأن (الجماعة ديل نسو الركوع) .. ثم جلس بعد رفعه من السجود انتظارا لان يأتي الامام بالسجدة التانية، ولكنه وقف مرة أخرى وواصل تلاوته للسورة .. عبّر الصغير عن حيرته بالقول:
شفتي الامام لخبط لينا الصلاة كيف؟
طبعا وضحت للصغير أن ما فعله الامام يسمى سجود التلاوة وشرحت له كيفيته، ولكن سرحت بخاطري خلف مجموعة ذكريات ساقتها إلي (ربكة) صغيري بسبب سجدة التلاوة، فكثيرا ما تعاني النساء في المصليات الخاصة بهن من تلك الربكة، خاصة إذا كان مكان النساء معزولا بصورة كاملة عن مصلى الرجال وبالتالي تكون متابعتهن للصلاة عبر المايكرفون ..
عادة ما يصمت الامام برهة بعد تلاوته لـ آية فيها سجدة قبل ان يسجد، وقد يكرر تلاوتها لتنبيه المصلين وخاصة النساء في الخلف، بنيته على اداء السجدة قبل مواصلة التلاوة، وهنا .. قد يكون بعض المأمومين من الرجال في حالة هيمان وجداني فيسلّموا أنفسهم للامام ليقود حركاتهم ويكتفوا بتقليده آليا، وبالتالي قد لا ينتبهوا لأنهم أدوا سجود التلاوة خلف الامام (من أساسو)، وقد ينتبه بعض (السرحانين) لما يحدث ولكن تمكّنهم من رؤية أفعال الامام تتيح لهم فرصة الاستدراك ومتابعة سجدة التلاوة !!
بالمقابل نجد أن السرحان والانشغال بـ(غنم ابليس) عند النساء وراء الكواليس، قد يلهي بعض المصليات عن الانتباه لأن الامام ينوي أداء سجدة التلاوة، وبالتالي تحدث ربكة شديدة في الصفوف ويختلط حابل الراكعات مع نابل الساجدات، بل ان هناك الكثيرات قد يقنعن منها (تب) ويكملن صلاتهن منفردات، فمن بين المصليات الحبوبات وكبيرات السن، من تستطيع ان تحلف صادقة بـ (يطرشني طرش القبور) في تأكيدها على عدم سماعها عن سجود التلاوة ( ذاتو) أو ادراكها لكنهته.
في صبانا كانت لنا جارة شابة (درويشة) تصلي معنا التراويح، وكان مصلى النساء مفصول عن الرجال بحاجز خشبي، وبينما كنا في الركعة الثالثة من صلاة العشاء، اتى رجل (مسبوق) وكبّر بصوت عالي ليدخل في الصلاة، ولكن صديقتنا حسبتها تكبيرة الامام للركوع فركعت وتبعتها اخريات، وعندما كبّرالامام وركع، رفعن هن من الركوع .. وهكذا في ثواني تحول مصلى النساء لساحة لعب، تلعب فيها المصليات لعبة (محمد قال اقيفوا .. احمد قال اقعدوا) !!
أما اطرف ما مرّ بي من (دربكات) صلاة النسوان في جماعة، فكان ايام وجودنا في الاسكندرية حيث تعودنا أن نصلي التراويح في مسجد (سيدي جابر)، وبما ان اخوتنا المصريين يخلصون العبادة والصلاة في رمضان، فقد كان المسجد يمتليء بالمصليين حتى يتدفقوا إلى الطرقات المحيطة، مما حدا بادارة المسجد رمضان لاقامة خيمة ضخمة مسقوفة لتصلي فيها النساء في ساحة خلف المسجد، وبينما كنا في وسط الصلاة والخيمة ممتلئه عن آخرها بالمئات من المصليات اصاب المايكرفون العطل، وانقطعت صلتنا فجأة بصلاة الرجال داخل المسجد .. وقفنا في ارتباك خاصة بعد ان طال انقطاع صوت الامام عنا، ولكن احدى النساء في الصف الاول استفتت نفسها بسرعة وبادرت لاخراجنا من الحرج فأمتنا .. حيث رفعت صوتها بقراءة صورة قصيرة وركعت بعد أن كبرت بصوت عالي، فتبعناها جميعنا وواصلنا معها الصلاة ولكن فجأة عاد المايكرفون للعمل .. وارتبكت الصفوف بين متابعة الإمام الـ (ماعارفنو وصل بي صلاتو وين؟) وما بين متابعة إمامتنا التي بح صوتها وطغى عليه صوت المايكرفون .. غايتو في الآخر قررنا نصرف نظر عن الموضوع كلو كلو .. فـ طقطقنا نعلاتنا وخرجنا من الخيمة بخفي حنين الامامين!!