لعل القراء سمعوا بالكويكب الضخم الذي يتقدم صوب الكرة الأرضية بسرعة 17000 ميل في الساعة (أكثر من 27300 كيلومتر)، وإذا ارتطم بالأرض فمعنى ذلك: باي باي عرب.. باي باي لندن، لأنه قد يقضي على نحو مليار ونصف المليار نسمة، كما سينجم عنه هيجان البحار فتختفي جزر بأكملها، وبما أن العرب يشكلون الامتداد العرقي لقوم عاد ولوط وثمود فليس من المستبعد أن يكونوا أول الهالكين، وأن لندن بحكم أنها في جزيرة ستروح وتريح وتستريح بعد أن تكتسح الفيضانات المستوطنات العربية في لندن: بيزووتر وشارع ادجوير.. وأسأل الله أن يلطف بأخوتي السودانيين الذين لم يجدوا موقعًا في لندن يحتلونه سوى شبردس بوش وسوقه الكئيب، لعله يذكرهم بسوق «سعد قشرة» ويحمل هذا السوق اسم تاجر يمني قضى معظم سنين عمره فيه يدير محل بقالة في مدينة الخرطوم بحري، فحمل الميدان الذي كان يطل عليه متجره اسمه، وسوق سعد قشرة بدأ عشوائيًا مثل شبردس بوش، ثم اكتشفت الحكومة أنه قد يكون مصدرًا للضرائب والعوائد فأعادت تنظيمه حتى أصبح سوقًا مزدهرًا تباع فيه البضائع المهربة!
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فلا بد من تذكيركم بالرجلين اليمنيين اللذين استقبلا قبل بضعة سنوات وفدًا من الجن بعث به نبي الله سليمان عليه السلام حاملاً صكوك تمليكهما كوكب المريخ، والعجيب في الأمر أنهما قررا إهداء مليون كيلومتر مربع من أراضي المريخ إلى الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، وليته يهاجر إلى هناك مع الحوثيين فيريح ولا يستريح.
ثم ماذا بعد؟ سؤال وجيه وإجابته عندي: الكويكب الظافر سيرتطم بالأرض في أو نحو عام 2028م، وسيحدث ارتطامه – في حال حدوثه – زلزلة تخرج فيها الأرض بعض أثقالها وتهب رياح صرصر عاتية تقضي على الحضارة والمدنية، فتلحق بقية الأمم بركب العرب، أي تتقهقر إلى القرون المظلمة فيما يعرف بـ«التقدم إلى الخلف». ما المخرج إذن؟ كما يهرب العربي من صيف بلاده إلى أوروبا وجنوب شرق آسيا، ومن ضعفه إلى أمريكا، ومن زوجته إلى بورتوريكا (لزوم السجع)، فبإمكانه التعويل على الكرم اليمني لينزح إلى المريخ.. وهنا أود أن أطمئن العرب بأن الهجرة إلى المريخ ستريحهم من الصداع المزمن المسمى بالقضية الفلسطينية، فمن المؤكد أن الفلسطينيين لن ينزحوا مع العرب إلى ذلك الكوكب لأن «حيلهم انهد» من كثير الترحال.
إذن هاجروا إلى المريخ – الله يخليكم – قبل أن يأتيكم ذلك الكويكب.. أما أنا فسأتخلف عن الركب ولا يهمني ماذا يفعل بي ذلك الكويكب الفالت.. يكفي أن أعيش بضعة أعوام بعيدًا عن «الأجواء العربية».. وبعيدًا عن كلام العرب الممل والمكرر والممجوج.. وأرسلت ابني إلى الدراسة في نيوزيلندا بعد أن نما إلى علمي أن العرب لم يكتشفوها بعد، فإذا به يقول لي إن الانتشار العربي هناك «وبائي».. على كل حال أود أن أذكركم بأن المال لا قيمة له في المريخ فاتركوه عهدة عندي.. وبصراحة أكثر فإنني من المشمولين بآية الزكاة، وقد أباح لي الله التمتع بزينة الحياة الدنيا وهي المال والبنون وعندي «البنون» وينقصني المال.. كيلا أبدو جاحدًا عندي منه القليل ولكنني لا أملك قوت سنة (يعني «مسكين» في نظر الشرع) لأنني موظف.. يعني أجير.. أعيش في بحبوحة من اليوم الأول إلى السابع من كل شهر ثم استدين قوت الأسابيع الثلاثة المتبقية.. وأعاهدكم بأنني سأكون أمينًا على أموالكم ولن أبددها، فلا أنا سكير ولا حشاش ولست كلينتوني النزعات فيما يتعلق بالنساء.. أريد فقط أن أملأ عيني بالنقود السائلة.. وإذا عدتم من المريخ بعد أن تدمروه بالحروب والفتن سأرد إليكم أموالكم لتكنزوها مرة أخرى وتأخذوها معكم إلى قبوركم ثم تحملوها معكم يوم الحساب لتحمى في نار جهنم وتكوى بها جباهكم.. إنه سميع مجيب.
jafabbas19@gmail.com