> احتضنت مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان الخميس والجمعة، مؤتمر المسؤولية الاجتماعية الذي نظمته وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي بمشاركة واسعة لوزراء الشؤون الاجتماعية الولائيين، وكان ختام المؤتمر بتكريم ومنح جائزة المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الأولى والثانية في هذا المجال، وقد أضحت المسؤولية الاجتماعية كمفهوم وممارسة من أكثر المبادئ الإنسانية التي تجد رواجاً واتساعاً لدائرتها في العالم اليوم، وباتت من التوجهات المهمة في مجال العمل الاقتصادي والاستثماري وسمة من سمات إبراز الوجه الإنساني للنشاطات التجارية والصناعية والاقتصادية، ولا غنى عنها عند كبرى الشركات والمؤسسات المالية والمصارف وغيرها..
> ومؤتمر الأبيض الذي اختتم أمس بحضور لفيف كبير من الوزراء ترافق مع زيارة الرئيس البشير للولاية وتزامن معها، في النسخة الخامسة منه، وقد احتشدت فيها جهات مختلفة وهيئات وشركات ومؤسسات فعالة وذات أثر كبير في الحياة العامة بالسودان، وكانت توصياته التي أجيزت بالإجماع تمثل أفضل مدخل لتحقيق أهداف الرعاية والعمل الاجتماعي باعتبار أن مسؤولية الشركات والمؤسسات الاقتصادية لا تقتصر على دعم البرامج الاجتماعية ودعم الفئات الفقيرة، إنما يتعدها إلى المنفعة العامة المرتبطة بقضايا البيئة والخدمات ودعم أصحاب المصلحة وتطويرهم وحفز الجهات كافة التي تعمل في ترسيخ التنمية المجتمعية وترقية الخدمات بوسائل وأدوات شتى.
> فازت شركة زين للاتصالات بالجائزة الأولى مع شركة النيل الكبرى للبترول، وبنك فيصل الإسلامي وهيئة المواصفات والمقاييس بالجائزة الثانية، وجرى احتفال كبير في ختام المؤتمر بهذه الجوائز، وقد قدمت هذه المؤسسات وخاصة شركة زين تجربة رائدة في مجال تطبيق كل قواعد معايير المسؤولية الاجتماعية، وتنفق هذه المؤسسات مبالغ تصل ما يساوي عدة ملايين من الدولارات في الخدمات والبرامج المختلفة التي تندرج ضمن مسؤوليتها تجاه المجتمع..
> وكانت زيارتنا للأبيض أمس لحضور هذه المناسبة، برفقة المدير والعضو المنتدب لشركة زين الفريق الفاتح عروة وإبراهيم محمد الحسن وصالح محمد علي والأخوين الدكتور خالد التجاني رئيس مجلس إدارة صحيفة (إيلاف الاقتصادية) الرائدة في مجال الصحافة المتخصصة والأستاذ محمد الفاتح أحمد رئيس تحرير صحيفة (الأهرام اليوم).. ووصلنا الأبيض على متن الطائرة الخاصة لزين، في رحلة تخللتها أحاديث ونقاشات في قضايا الساعة المتعلقة بشأن قطاع الاتصالات والسياسة والتاريخ والمجتمع، مثل فيها الفريق عروة نافورة معلومات متدفقة بغزارة في مختلف مسارات الحديث وشعابه، غير أن اللافت للنظر هو مدينة الأبيض في وجهها وثوبها الجديد والحُلة الزاهية التي اردتها أمس، فبعد الغياب الطويل عن المدينة، وجدناها قد تغيرت ملامحها ومعالمها، وهي تمضي بشكل مذهل في دروب التحديث والإصلاح العمراني والتغيير المدني المتسارع. فوسط المدينة وشوارعها الجديدة ومرافقها العامة ومراكز الخدمات وقلب المدينة عكست حجم العمل والخطط الفعالة التي تنفذها حكومة الولاية بقيادة مولانا أحمد هارون.. وأبلغ دليل على أن الأبيض شبت بعدما شابت، أن الأخ الدكتور خالد التجاني النور، لم يجد المقر القديم والتاريخي لدار كردفان القابعة منذ تأسيسها في عهد عمه المغفور له المرحوم الفاتح النور صاحب أشهر وأقدم صحيفة ولائية في البلاد، كما أننا شعرنا بحزن عميق لمنظر المبنى العريق لسينما عروس الرمال التي باعها ورثتها لأحد المستثمرين لتصبح مركزاً للتسوُّق في وسط الأبيض، وضاع ذاك البريق ..!
> كثير من المعالم والمباني القديمة اختفت، وتنشط حركة بناء وآليات حفر وطرق في كل مكان، بيوت حي الموظفين تلاشت نادي الضباط القديم يجري الترتيب لبناء نادٍ حديد وفندق حديث في مكانه لصالح ضباط الجيش، أطلت مبانٍ عالية وسامقة لامعة بعضها بنوك ومرافق حكومية وأبراج لهيئات ومؤسسات، وأصبح إستاد الأبيض ينافس ملاعب كرة القدم الراقية في السودان والمحيط الأفريقي، ولن يصدق الزائر أن مستشفى الأبيض الملكي القديم، قد فقد للأبد وحل مكانه مستشفى ضخم بمبانيه وحدائقه وعماراته ومراكزه المتخصصة وشواهق بناياته وخدماته المتقدمة..
> تغيرت الأبيض..وتبدلت وهي ترفع شعارات التنمية.. لا صور في الطرقات للوالي ولا دعاية لأحد أو فرد. حتى زيارة الرئيس استقبله أهل شمال كردفان بعبارة واحدة في كل الطرقات والميادين (شكراً..السيد الرئيس).. ومن حق أهل الأبيض أن يقولوا ذلك، ومن حقهم الوثوق في الفكرة الخلاقة بقيام نفير كردفان والحوار الوطني.. ومن حقنا أن نقف مندهشين للأبيض وهي تتزيا بما لديها وتستعد للانتخابات..
> عدنا للخرطوم بعد ساعات قليلة، في رفقة جائزة المسؤولية الاجتماعية والفريق الفاتح عروة يحكي قصة طويلة ويطلق ضحكته العفوية.. وما بين الخرطوم والأبيض مسافة بين الحلم والحقيقة..