انقشعت هجمة الحركة الشعبية على “هبيلا” واستردت القوات المسلحة المنطقة لكن الواقع الذي خلفته من مآسٍ حقيقية تمثلت في آلاف النازحين والفارين جراء الهجوم الغادر يوم (السبت) الماضي. وأمس(الثلاثاء) كانت (المجهر) وكاتب هذه الزاوية في “هبيلا” حيث الأحداث وواقع الحرب الذي تعيشه المنطقة، وهي حرب تصاعدت في الفترة الأخيرة بصورة غير معهودة وبضراوة شديدة جعلت المواطنين في حالة جزع وفزع وسهر وقهر وكما يقولون (تعب وأكل كعب). في “هبيلا” استبسلت القوات المسلحة وهي تدافع عن المنطقة ببسالة وشجاعة وصبر وهي تقدم درساً للتمرد في كيف يستبسل الرجال وكيف يدافعون عن شرف وطنهم وأنفسهم، لقد رسمت قوات اللواء (54) الدلنح صورة جديدة عن ملامح تاريخ ممتد منذ السودنة وحتى اليوم، شباب لا يتعدى عددهم المائة مقاتل يصمدون في وجه قوة تتكون من أكثر من (35) عربة، ولكن أبطال القوات المسلحة في “هبيلا” صبروا ولم يتزحزح منهم أحد حتى استشهد منهم أكثر من خمسين شهيداً، لم يهرب أحد أو يولي الدبر هارباً، واجهوا الموت في صبر وثبات والآن لا حديث إلا عن بطولة هؤلاء الشهداء.
إن الأوضاع الآن يسودها الحذر الشديد لكن بسالة مقاتلي قوات “هبيلا” كانت دافعاً ليعود الناس إلى المنطقة، لكن بعضهم قد أصبح بين عشية وضحاها من المعدمين الفقراء بسبب نهب التمرد ممتلكاتهم من بضائع وحصاد زرعهم، والآن ينتظرون رحمة السماء أن تجود عليهم بما يسد الرمق ويقيل العثرة. وكشفت أحداث “هبيلا” عن تضامن الناس مع بعضهم وتفاعل السلطات المحلية مع الحدث، ولكن بكل أسف الإحساس بالحدث قومياً ضعيف جداً.