سامية أحمد محمد: المخاطر أكبر من أي اتفاقات داخلية وعلى الأمة العربية أن تصطف

تشهد الساحة السياسية هذه الأيام ركودا واضحا وساكنا، ورغم أن البلاد على أعتاب انتخابات 2015، إلا أن الحراك والزخم الانتخابي لم يتجسد بصورة حقيقية على أرض الواقع، ومقارنة بانتخابات 2010 هناك بون واسع من حيث المنافسة والمظاهر الانتخابية، وهذا أدى إلى تساؤلات كثيرة فما هو السبب وراء ذلك؟ أهي الشواغل الإقليمية؟ ربما، ولكن العواصف الخليجية اندلعت مؤخراً، ما يجعلنا نستبعد الفرضية.. إذن هل آتت صيغة المقاطعة المبذولة من قبل بعض الأحزاب أكُلها، أم هو عزوف من الجماهير لدواعي المعيشة.. خلاف ذلك تظل فرضية غياب المنافسة أمام الوطني هي الخيار الأرجح والداعي لزهد المواطنين عن العملية. في الآناء نلمح أيضاً السبات البائن لعملية الحوار الوطني بعد خروج أحزاب منها، ليعود التساؤل مرة أخرى؛ هل كان الحوار تكتيكا للوصول إلى الانتخابات كما كان يحلل البعض؟ أم أن الساحة منشغلة بما عداه، ولم يعد هناك زمن للحوار؟ استفسارات كثيرة تدور في وسط هادئ لا يشبه مناخ إبريل وصناديقه. التقينا سامية أحمد محمد، نائب رئيس المجلس الوطني، والقيادية البارزة في المؤتمر الوطني للرد على هذه الاستفسارات. تدافع سامية عن الوطني بهدوء القوي الواثق من تاريخه، لم تر ضعفا ولا هيمنه لحزبها، بل فسرته على أنه قوة ووجود، وتحدثت عن مظاهر الاختلاف بين الاستحقاق الحالي وما سبقه، وبدت مرتاحة من دور المرأة في البرلمان المنتهية ولايته، وفي مشاركتها في العملية الانتخابية، كما دافعت عن برلمانها ودوره، وحصرت إخفاقاته فقط في بعض التداخل بين دور البرلمان الوطني والبرلمانات الولائية، وطالبت بالفصل في الأدوار حتى يتسنى للبرلمان الاتحادي التركيز على القضايا الأكبر. وفي ما يلي نص الحوار مع سامية أحمد محمد.
* هل تخوضين الانتخابات؟
– نعم أنا نازلة في قوائم المرأة النسبية.
* تعليقك على المشاركة النسوية في الانتخابات الجارية؟
– الدوائر الجغرافية هي ذات دوائر 2010، لكن العدد الكلي زاد، القانون كان فيه تطور زاد نسبة المرأة من 25% إلى 30%، والفترة القادمة ستكون هناك قوائم جامعة للنساء والرجال، والتعديلات أتاحت دخول أكبر عدد من الأحزاب، فهناك عدد كبير من النساء سيستطعن الدخول إلى المجلس 2015.
* هل الأحزاب دفعت بنسائها لهذه الانتخابات؟
– كثير من الأحزاب على رأسها الحزب الاتحادي الأصل، والمؤتمر الوطني، دفعت بقوائم فيها عدد مقدر من المرأة وبها قيادات في العمل السياسي، وأتوقع يكون هناك تمثيل كبير للمرأة في البرلمان القادم.
* الملاحظ أن مظاهر الانتخابات غير موجودة مقارنة بانتخابات 2010، ما تفسير ذلك؟
– نعم هناك أسباب داخلية وأسباب خارجية، ففي 2010 كانت الانتخابات تحضيرا للاستفتاء، وكان هناك اهتمام عالٍ جدا داخليا وخارجيا، يمكن أن نقول إن الترقب الدولي قطعا ليس مثل الانتخابات السابقة. بصورة عامة الفترة الماضية الإقليم كان فيه كثير من الأحداث والحراك، وكثير من الثورات، وكثير من الاحتكاك مابين الشعب والسلطة، وانقلابات على انتخابات، الأمر انعكس على الشعوب، وأعطى رسالة بأن الانتخابات ليست هي السبيل الأمثل فقط، والدليل حدوث اضطرابات، جعلت كثير من المواطنين يميلون إلى البعد من الحراك السياسي، والعمل السياسي في أوساط الشباب والمرأة.
* مقاطعة… هل هذا معناه أن هناك عزوفا من قطاعات الشباب والمرأة عن الانتخابات؟
– لا لا.. أنا اتحدث عن ظلال ما حدث بالمحيط الإقليمي، ربما تكون له ظلال في السودان، لكن الاستقرار الحاصل في السودان يدفع الكثيرين للمشاركة في الانتخابات، والدليل على أن المشاركة في السجل واسعة، فالانتخابات هي سجل.
* مقاطعة… ولكن المقياس بالذهاب للصندوق، لا بالتسجيل؟
– أعتقد أن الذهاب للصندوق سيكون كبيرا، فطالما كان هناك اجتهاد في السجل، سيكون هنالك أيضا اجتهاد في التصويت، الأحزاب الآن المشاركة أكثر من 2010، والمقاطعة ليست كثيرة، فالاتحادي الديمقراطي بكل فصائله مشارك، وكل فصائل الأمة ما عدا الأصل مشاركة، وكذلك الأحزاب التي أسست حديثا مثل التحرير والعدالة كلها، فإذا كان اليسار مقاطعا، فالشيوعي أصلا ليست لديه جماهير، وليس له ثقل يؤثر اذا قاطع، ولا أفتكر أن المقاطعة مؤثرة، المؤتمر الوطني عليه مسؤولية في تحريك منسوبية للمشاركة.
* تظل الانتخابات انتخابات ومظاهرها معروفة، وهذا غير ملاحظ في هذه الانتخابات؟
– في الإعلام المسموع والمرئي مظاهر الانتخابات واضحة، الانتخابات في الولايات أثرها واضح جدا من خلال الندوات، وحراك المرشحين في دوائرهم، دائما العواصم يكون فيها بطء في هذه المسائل لأسباب معروفة، فالحراك يكون بطيئا، ويشتد في اللحظات الأخيرة، لكن المظاهر في الولايات واضحة جدا، وعلى المستوى التحتي والدوائرة ظاهرة جدا أيضا، الآن معظم المرشحين نزلوا لدوائرهم، ويخوضون حملاتهم الانتخابية على المستوى التحتي، أيضا تقسيم القوائم النسبية يجعل من الدعاية أو تعبئة الدوائر أكبر لأنهم يعتمدون على التصويت وعلى وعي الناس، فليس لديهم مجال للدعاية إلا المجال العام، من خلال الندوات القومية وغيرها، والندوات المواطن البسيط لا يحضرها كثيرا، فالحراك واسع جدا في الانتخابات وبصورة مقدرة.
* هناك من يرى أن المؤتمر الوطني ينافس نفسه في هذه الانتخابات، لذلك لا توجد بها مظاهر واضحة. بماذا تردين على ذلك؟
– هناك فرق بين حزب قوي، وبين حزب ينافس نفسه، فالمؤتمر الوطني قوي وموجود ومنتشر وعنده تجربة، والأحزاب المنافسة هي أيضا أحزاب قديمة وعريقة ومعروفة وموجودة، والأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات أعلى من 2010، ومن قبلها، ودوائر الانتخابات على المستوى القومي في كل أنحاء السودان، كل الانتخابات من قبل لم تعهد مشاركتها في كل الدوائر، فكانت هناك دوائر محجوبة لأسباب، الآن كل الدوائر موجودة، فهذه الانتخابات بها تقدم من ناحية أنها تشمل كل الخريطة بالبلاد، وعدد الأحزاب بها أكبر، أما أن تكون الأحزاب ضعيفة، فهناك الاتحادي الديمقراطي الأصل حزب كبير، حتى الأحزاب الجديدة تطرح نفسها للجمهور، فالأحزاب هي ذات الأحزاب العريقة المعروفة، أعتقد أن هذه هي دعاوى المعارضة، وكان ينبغي عليها أن تدخل وتنافس، ولكن المعارضة المقاطعة ليس لديها جماهير كاليسار، ولذلك لا يستطيع المشاركة.
* (ارحل) والأحزاب المقاطعة هل أثرت على الانتخابات؟
– ضحكت طويلا…. لا… أنا أعتقد أن مبدأ المقاطعة في العمل السياسي لا يصح، وأي حزب سياسي طالما عنده فكرة ووجهة نظر، فلابد أن يطرح هذه الوجهة، وينافس الأحزاب الأخرى ليثبت صحة مقولته، فالمقاطعة خطأ، ومستحيل لمن يعمل بالسياسة أن يقاطع، فهذا معناه مقاطعة الجمهور مجال العمل الأصلي، ومستحيل ممارسة العمل السياسي دون التواصل مع الجمهور، هذه نظرية خائبة، وأتمنى من الأحزاب السياسية أن تظل موجودة وتبشر بأفكارها، وتحاور الآخر وتنافس، هذا هو العمل السياسي.
* ألا تعتقدين أن (ارحل) أثرت بشكل أو بآخر على العملية برمتها؟
– (ارحل) أنا سمعتها، لكني لم أعرف هي من؟، وما هي الأحزاب المشاركة فيها والتي تمثلها، من يقول ارحل أو ابق هو الشعب، ويقولها في الانتخابات، لو أردت أن يرحل الآخر، فعليك أن تطرح نفسك حتى تأتي نيابة عنه، فالصندوق لا يكون فارغا، والكرسي لا يكون خاليا، إذا كنت أريد أن يرحل الآخر أتقدم لأملأ فراغه، وهذه نظرية بديهية.
* وماذا عن منسوبي المؤتمر الوطني الذين نزلوا الانتخابات مستقلين؟
– رأي المكتب القيادي واضح، كل من ينزل في الانتخابات مستقلا فهو خارج الحزب، عموما النسبة ليست كبيرة، ولكن من يستقل عن الحزب فقد خرج عنه.
* هناك اتهامات حادة من معارضين كانوا معكم في الحزب وانشقوا بأن الانتخابات باطلة وأنكم تسخرون أموال الدولة لها. ما تعليقك على مثل هذه الاتهامات؟
– أتمنى من المعارضة أن تعارض في تقييم حقيقي، بعيدا عن الهجوم والتجريح، كنت أتمنى أن يربأوا عن هذا خاصة من كان قيادة في المؤتمر الوطني من قبل، لا يرضى أن يمارس ما ذكره من اتهامات عندما كان داخل الوطني، وبالتالي الخطأ أن أرفض شيئا كنت أفعله من قبل، ليس من المروءة أن تشوه تاريخك، حاضر ومستقبل أي شخص به جزء من ماضيه، فالحديث بهذا التشويش عن تاريخهم وعن ماضيهم هو حديث بعيد عن المروءة السياسية وبعيد من المسؤولية، وأتمنى أن يتحلوا بمواصفات الخصم الشريف.
* هناك تصريحات منسوبة لبعض قيادات المؤتمر الوطني كانت مسيئة للخصوم، بألفاظ واتهامات ربما تجنح للإهانات، رغم أن المرحلة انتخابية ومن الطبيعي أن يكون كلامها معسولا، بماذا نفسر ذلك؟ هل استطاع الخصوم أن يجروا المؤتمر الوطني لذلك؟
– هناك جزء كبير من هذه الألفاظ لم يقل، ولم تذكر أصلا، وإنما صنعت من الغير، المؤتمر الوطني بعد كل هذا العمر الطويل من العمل السياسي تمرس في الأداء، وقابلته كثير من المطبات، واستطاع أن يتعامل معها بمسؤولية وبرؤية، ولذلك هو ليس مستجد في العمل السياسي حتى ينفعل أو ينجر، فهو يستطيع أن يسيطر على الخط الذي يمضي فيه، ويعرف ماذا يفعل وما هي السياسات التي يستخدمها، فاذا كان هنالك تصريح من شخص أو اثنين مرده إلى أمر محدد، وأرجو أن يؤخذ هذا الأمر في سياقه، وألا يعمم، فالمؤتمر الوطني حزب رصين لا ينجر لمهاترات.
* أين الحوار الوطني الآن؟
– (بصوت عال).. الحوار الوطني حاضر، قطعا الآن معظم الأحزاب اذا كانت في المعارضة أو الحكومة منشغلة بالانتخابات، ونتوقع عقب الانتخابات أن يستمروا في الحوار الوطني، الحوار المجتمعي مستمر، الانتخابات هي التي تفرض نفسها على الساحة، لاستعداد الأحزاب وانشغالها بها، وأتوقع أن يأخذ الحوار قوته عقب الانتخابات.
* بعد خروج أحزاب كثيرة ومؤثرة من الحوار ألا تعتقدين أن الحوار قد انتهى عمليا؟
– لا لا… الحوار ليس إرادة فئة معينة، الحوار الآن هو إرادة مجتمع، ومن خرج من الحوار خرج هو، الحوار هو إصلاح شامل، والفكرة الأساسية هي قضايا الحوار مثل القضايا الاقتصادية واستكمال السلام، والهوية، هذه القضايا الجوهرية هي قضايا المرحلة القادمة، وهي قضايا ما بعد الانتخابات، من أراد أن يخرج المجتمع فلن يرهن نفسه لشخص، هذه أوهام من يعتقد أن خروجه يعطل الحوار الوطني، عندما دفع الرئيس بالحوار كان ذلك نتيجة رغبة المجتمع، وهي أولويات الشعب، ومن يريد أن يأتي وينفذ هذا الأمر فمرحبا به، ومن لم يرد المجتمع سيذهب في مسيرة الإصلاح، إصلاح الأحزاب نفسها، وإصلاح في مؤسسات الدولة، وفي قضايا كثيرة جدا وجوهرية، فالحوار ليس رهنا لمحادثات سياسيين.
* من آن لآخر هناك حديث عن مبادرات مع الصادق المهدي لرجوعه للبلاد.. إلى أي مدى وصلت هذه الاتصالات مع المهدي؟ وهل أنتم راغبون في رجوعه؟
– الصادق لو رجع مرحبا به فالبلد بلده، ومن حقه أن يعود، ورجوعه ليس بيد الآخرين، أتمنى أن تعي كل القيادة السياسية في الأحزاب مصلحة بلدها، والمخاطر المحيطة بالإقليم، وأن تكون واعية لمتطلبات الأجيال، فجروح الشباب لن ترهن مستقبل بلادها بمماحكة سياسيين يريدون أن يفرضوا سياسات قبل خمسين عاما، لم تعد ذات أولوية هذه السياسات القديمة، فالآليات تغيرت، لابد أن يتحرروا من الماضي، وأن يفكروا بتفكير الشباب اليوم وبإيقاع العمل السياسي السريع، وما نراه وما نشاهده من حراك في مجتمعنا يستوجب ذلك، فأرجو ألا تفقد هذه القيادات أثرها.
* من الملاحظ أيضا أن المؤتمر الشعبي والدكتور الترابي مقاطع للانتخابات ولكنه يقاطع دون ضجيج.. في تقديرك ما السبب وراء ذلك؟
– حمى الانتخابات هي الطاغية الآن، وبالتالي تسليط الضوء على الانتخابات، وأفتكر أن الشعبي كمعارضة هي معارضة مسؤولة، لا يعارض وطنا ولا فكرة، فالأمر بالنسبة لهم واضح، مسألة الحفاظ على الوطن هذه مسؤولية، فالخلاف مع الحكومة، وأتمنى أن تكون المعارضة هكذا، معارضة بها هذا القدر من المسؤولية، عندما تلتقي مع الحكومة في مصلحة وطن تؤيد، عندما تختلف معها تعارض، فهذه هي المعارضة، وأفتكر أن هذا خط به كثير من الرشد من المؤتمر الشعبي.
* مقاطعة… ولكن المؤتمر الشعبي لم يكن كذلك من قبل ما الذي تغير؟
– نعم، نعم، نعم.. هو حاول إسقاط النظام، والسياسة ليست غبن شخصي، هي مصلحة للبلد، إذا رأوا أن إسقاط النظام لا يشكل أهم بنود معارضتهم، فما يحدث هو تفكيك للبلد وهذا ليس الخيار، فيمكن أن تصل إلى ما تريد عن طريق الحوار.
* الترابي يفكر الآن في ما أسماه (النظام الخالف) لتجميع كل الأحزاب الإسلامية.. هل هذا معناه أنه يئس من الحوار الوطني؟
– عموما تقارب الأفكار، وأن تكون هناك أحزاب كبيرة بالسودان، هذا مدعاة لتقوية البلد، لأن الأحزاب الصغيرة بها تفتيت، وأتمنى أن تتجمع كل الأحزاب حتى الكبيرة، لم أطلع على جوهر فكرة الترابي، ولكن أفتكر أن تراص الصفوف مسألة مهمة، الآن حتى الحدود لم تعد مؤثرة بين الدول، فكلما نظرنا للتقارب في ظل أهداف كلية ومصالح وطنية عليا، كان ذلك أفيد، لأن الدول لم تستطع أن تقف بالتفاف حول مصالحها الكلية، وعلى الأحزاب أن ترتفع لهذا الأمر، بعيدا عن مصالحها الضيقة.
* قبل أيام كان هناك توقيع ثلاثي على اتفاق لسد النهضة بين السودان ومصر وإثيوبيا. ما هو تعليقك على هذا التوقيع وفي هذا التوقيت؟
– هي بادرة خيرة أن نلتقي أولا، وأن نضع إطارا نتحاور فيه، لأنها مبدأ مجرد أن تلتقي هذه الدول وهذه القيادات لتوضح وجهات النظر ومواضع التخوف يمكن أن نصل فيه إلى حلول، أفضل من التدابر ومن عدم اعتراف الدول بعضها البعض وأن توضع حواجز بينها، وهي دول تربط بينها مصالح حقيقية، ومن أجل ذلك لابد أن تجلس، ولذلك كان اجتماع التوقيع على الاتفاقية موفقا، ولنتنظر بعد ذلك للتفاصيل التي تحفظ للشعوب حقوقها.
* ولكن هناك تخوفات مازالت موجودة حول هذه الوثيقة؟
– عن طريق الحوار يمكن أن يحتفظ كل طرف بحقه ونصيبه من المياه، وأن تنتفع أثيوبيا بالكهرباء والتنمية، وأن يحتفظ السودان ومصر بنصيبيهما، المياه بصورة عامة ستصبح من أكبر الصعوبات التي ستواجه الأمم، ولذلك التدبر والتفكر في مسألة المياة من وقت مبكر مهم جدا، فلابد من وجود لجان علمية مشتركة ليس فقط لحل هذه المشكلة، ولكن للنظر لمستقبل المياه وكيفية الاستفادة منها مستقبلا، وأن ندبر أمورنا في ظل هذه المتغيرات المناخية الكبيرة، فالموضوع به كثير من البعد العلمي أكثر من المناوشات السياسية.
* زيارة الرئيس البشير للسعودية ما تعليقك على هذه الزيارة في هذا التوقيت؟
– المنطقة وما يدور فيها يستوجب أن يكون هنالك تواصل بينهم، وبين القيادات، وألا تكون هنالك أي حواجز ولا أي تكتلات، لأن ما يواجه الإقليم والأمة العربية يقع عليها جميعا، ولا يستثني شعبا من شعوبها ولا دولة من دولتها، فبالتالي ما يواجهه الإقليم من مخاطر أكبر من أي اتفاقات داخلية، لابد أن تصطف الأمة العربية ولابد أن يكون الحوار بينها واسعا وكبيرا جدا، وأرى أن اللقاءات الواسعة وهذه الزيارات للرئيس تصب لمصلحة العالم العربي والأفريقي والإسلامي، والمجتمع السوداني ينظر لها بكثير من الرضا.
* برلمان 2010 أوشك على الانتهاء.. كنت نائب رئيس هذا البرلمان ما هي أهم إنجازاته وأهم إخفاقاته أيضا؟
– التجربة البرلمانية في السودان عموما هي تجربة عريقة منذ الخمسينيات، فهي تجربة ناضجة، والبرلمان في أي صوره من صوره يعلم ما هي مسؤوليته وما هي مهامه، ليس هنالك برلمان به ضعف وآخر به قوة، أما برلمان 2010 فوضع كثير من القوانين القوية، وتحمل كثيرا من المسؤوليات، وعاصر الاستفتاء وغيره، وفي عهده كانت أكبر التحولات، ولذلك كانت مهامه كبيرة، واستطاع أن يحسم البلد من كثير من المطبات خاصة بعد الانفصال، وأدى ما عليه من مسؤولية نجح في الكثير، وربما أيضا يكون تعثر في بعضها، لا زالت تجربة البرلمانات الولائية، والتداخل بين المستوى الولائي والقومي لم تفصل أو توضح، فهنالك تداخل بينهما، أدى أحيانا إلى لوم المستوى الاتحادي عن الأداء الخدمي وغيره، بصورة عامة كان الأداء جيدا، فقط إذا قلنا إننا استطعنا أن نحافظ على استقرار السودان فهذا به كثير من المسؤولية.
* البعض يرى أن البرلمان في هذه الدورة تداخل دوره الرقابي مع التنفيذي، وأنه تحول من رقيب إلى مسؤول تنفيذي. بماذا تردين على ذلك؟
– البرلمان هو رقابي وتشريعي، التشريع لقوانين لعمل تنفيذي، إذا كانت هناك مبادرات من البرلمان فربما يظهر فيها أنها مارست الشق التنفيذي، ولكن لا يستطيع البرلمان أن يخرج من إطار التشريع والرقابة.
* ماذا تتوقعين لبرلمان 2015؟
– أتمنى أن تصبح الحدود واضحة ما بين مسؤولية البرلمان الاتحادي والبرلمانات الولائية حتى نمكن البرلمان الولائي من مسؤولية الرقابة على مستوى الخدمات وكثير من القضايا التي تهم المواطن في خدماته وبصورة مباشرة ولا تكون على مسؤولية المستوى الاتحادي، وأحيانا ما بين الاتحادي والولائي تغيب هذه المسؤولية، فتمكين المستويات الولائية بدورها في متابعة المسؤولين ومراقبتهم، ومتابعة مصلحة المواطن أتمنى أن تكون أكثر وضوحا، وأن يضطلع المستوى الاتحادي بنظرة للسياسات الكلية والعمل الخارجي والأمني والمسؤولية على المستوى الاتحادي المنوط به، وأتوقع أن يكون به كثير من الأحزاب، وأن تكون به كتل برلمانية من مختلف الأحزاب حتى يثري النقاش والحيوية بالمجلس.
* وكيف كان دور المرأة في البرلمان الماضي؟
– نسبة 25% للمرأة لم تكن سهلة، والآن هي 30%، ولكن لم يكن حضورها عدديا كان حضورا كيفيا، فحقيقة حتى اللجان التي كانت تشرف عليها المرأة، كانت لجانا مهمة مثل لجان العدل وحقوق الإنسان والإعلام، وكلها مرتبطة بسياسات وقضايا، ووجود المرأة في البرلمان من كافة الأحزاب ممثلة لقواعد وكانت عندها صلة بالعمل السياسي، وكانت قائدة في أحزابها، لم تكن عضو برلمان بعيدة عن العمل السياسي، وإنما معظم الأخوات هن قيادات في أجهزتها السياسية وناشطات سياسيات، وحضورهن ومشاركتهم كانت عالية جدا، لكن دائما الخصم ينظر أنه دائما هو الأفضل من الآخر.
* توقعات للعملية الانتخابية الجارية؟
– البشريات الموجودة بها أفضل كما كانت، تغطي أكبر قطعة جغرافية غير مسبوقة، يشارك فيها عدد مقدر من الأحزاب، وانتشار المراكز جيد، ممولة كاملة من حكومة السودان، أتوقع مشاركة عالية وخصوصا مشاركة المرأة، وأتوقع مشاركة الشباب، فالشباب الآن في معظم الأجهزة التنفيذية ومشاركتهم كانت مقدرة جدا، وقد دفع بالشباب في كثير من المجالات وأيضا المرأة، والرقعة الأمنية أعلى، كل ذلك مبشر بأن المشاركة ستكون أعلى من المشاركات الماضية.
* هل تودين إضافة شيء؟
– أشكركم على هذا اللقاء، وأقول إن الشعب السوداني على درجة عالية من الوعي السياسي، ومشارك في الانتخابات منذ الاستقلال ويعلم أهمية صوته وهو حريص على أن يعطي صوته لمن يستحق

اليوم التالي

Exit mobile version