إذن ،نحن دوماً ضحايا رهانات الحب الخاطئة ، ورهائن الصدمة التي قد نترك فيها صحتنا ، مقابل سعادة شاهقة ، محكوم عليها بأن لا تدوم . فالحب الذي قد يبدو في زمن ما علاجاً وخشبة خلاصنا ،قد يغدو في أية لحظة أمام هول الفراق والقطيعة داءنا الذي لا دواء له .
الطب نفسه لم يحسم أمره في ما يخص الحبّ وما يرافقه من اضطرابات نفسية وجسدية ، هل هي مفيدة أو مضرّة بالصحة ؟
أذكر أنه حدث قبل أعوام أن نشر الأطباء بمناسبة عيد الحب ، تحذيراً تحت عنوان كبير ” الحب يضر بصحتك !” مستعرضين قائمة بالأمراض الخطيرة التي قد تفتك بالعاشق ، كأمراض السكري والقلب والضغط والجلطة . مؤكدين تلك المقولة :
” خذ من الحب ما شئت وخذ بقدره متاعب قلب ” .
لكن أخصاء في طب القلب ، كان لهم بعد ذلك التفاتة طيبة في أحد أعياد الحب، فقد بعثوا برسالة طبّية تبشر البشرية بأن الحب مفيد للقلب ، يُستنتج منها أنه لا داعي للخلط بين الحب والسجائر والكحول ، أو المواد المسببة للكوليسترول ، فالحب عكسها لا يلوّث الرئتين ،و لا يقصر العمر، ولا يسد شرايين القلب ، بل يوسعها !
أين الحقيقة إذن ؟ ومن نصدّق من فتاوى الأطباء ، التي من الأرجح أن يكونوا أصدروها كل مرة ، تحت تأثير حالاتهم العاطفية الخاصة .
شخصياً وجدت الجواب في بحث قديم ، قام به فريق من علماء النفس في أمريكا ، خلاصته أن السعادة . . في أن يكون لك حبيب بعيد ! فالعلاقات عبر المسافات الطويلة تتميز بالإستقرار، وتدوم لفترات أطول ، فالبعد يصنع المعجزات ، ويؤثر بصورة مدهشة على العلاقة بين حبيبين ،ويولّد أحاسيس غامرة بالشوق والحنين ، كما يخفف فرص الشجار، والخلافات التي تنهي معظم قصص الحب .
“إن الوصال يقتل الحب ” هذا ما توصل إليه علماء النفس . وقد قال جميل بثينة قبلهم :
“يموت الهوى مني إذا لاقيتها * ويحيا إذا فارقتها فيعود ” فمن أجل سعادتكم ، باشروا البحث عن حبيب . . . بعيد !