:: بعضهم ينتقد الجامعة، والبعض الآخر ينتقد المجتمع، وهناك رأي ثالث ينتقد المناخ السياسي، ثم يصمتوا..حسناً، فلينتقدوا ما طاب لهم من (الحيط القصيرة)، ولكن يُخطئ من يختزل شباب البلد في تسعة أو عشرة طلاب قصدوا تنظيم داعش في (غفلة أسرهم).. وليس من العدل عكس قضية هؤلاء الطلاب بلسان حال قائل ( ده حال الشباب)، ثم نلطم الحدود..وكذلك يُخطئ من كان – أو لا يزال – يظن أنه يعيش في مدينة فاضلة بحيث يتفاجأ بحدث كهذا لحد (الإغماء أو الدهشة)، وكأن سماء بلادنا ملبدة بغمام الوعي الشامل..فالقليل من التريث يكفي بحيث يكون التناول الإعلامي لهذه القضية – ومثيلاتها – موضوعياً، أي بلاتهويل أو لامبالاة..نعم، ليس بنهج (مجتمعنا بقى متطرف)، وكذلك ليس بالنهج المخادع (مجتمعنا متصوف)..!!
:: ما نحن – شعباً ووطناً – إلا بعض بشر هذا (العالم القرية)، وما للبشر من أفكار سوسية (لنا أيضاً)، وماعليهم من أفكار متطرفة (علينا أيضاً )..فالأفكار لم تُقسم على (أسس جغرافية) بحيث نلطم خدود شباب البلد ونرجمهم جميعاُ في (قضية كهذه)، وكذلك لم يعد مجديا تنظيم أشعار الفخر بمظان أن مجتمعنا (معافى ومتسامح)..فالواقعية خير لا بد منها، وبها تنظر العقول إلى كل قضايا الحياة – بما فيها هذا الحدث – في إطار شخوصها ومواقفها (خيراً كان أو شرا)..ومع لعن الحكومة وشتم المعارضة و نقد داعش، لاتنسى – أيها الأب وأيتها الأم – أهمية التقرب إلى إبنك وإبنتك بالحوار و النقاش و(بناء الثقة)..فالتربية السوية مسؤولية الجميع، ولكنها تبدأ بالأسرة وتنتهي بالسلطات وقانونها ومدارسها ومناهجها التربوية والتعليمية.. فالبداية، والتي هي الأسرة، هي ( المهمة للغاية)..!!
:: وما لم تكتمل كل حلقات المسؤوليات لحد التشابك والإحاطة حول الشباب بالتوجيه والإرشاد، فلا تتوقع في الحياة غير المزيد من الهجرة إلى داعش، و(غير داعش)..فأسأل نفسك – أيها الأب – بين الحين والآخر، متى قصدت مدرسة وجامعة ابنك أو ابنتك بغرض السؤال عن الحال الأكاديمي والمناخ التربوي؟..ومتى خرجت بهما خارج مدينتك أو قريتك بحيث تجمعكم إجازة تقوى رباطكم وتبعدكم عن المؤثرات الأخرى؟..وكيف وكم ساعة تقضيها معهم يومياً، بحيث يفقدك – إبنك وإبنتك – إذا غبت عنهما في الميعاد المعتاد؟..وماذا تعرف عن أصدقاء إبنك وصديقات بنتك..؟؟
:: وهل فكرت – كولي أمر و مسؤول أول- في تنظيم برنامج يوم (إبنك وبنتك)، بحيث تعرف موعد الدراسة وميقات النوم وساعات الترويح ومكانها وكيفية قضاؤها؟..وهل يرافقوك إلى المسجد دائماً، وهل ترافقهم أحيانا إلى أنديتهم ومراكزهم ومجالسهم؟..وهل تناقشهم وتحاورهم في مختلف قضايا الحياة وأفكارها بأريحية وشفافية؟..وهل علاقتك بابنك وبنتك علاقة صداقة أم قهر أم لامبالاة؟.. فالإجابة هي التي ترسم مسار إبنك وبنتك إن كان مساراً إلى ( فكر داعش)، أو مساراً إلى أي فكر آخر..فالأسرة هي السياج الفولاذي، وحجم وعي ولي أمرها هو مدخل كل الأفكار إلى عقول شبابها وطلابها.. وعليه، تحسسوا ( مداخلكم أولاً)، منها يدخل داعش ومنها يخرج وينتشر..ثم أهدموا بمعاول النقد والشتم (الحيط القصيرة)..!!