أثارت مشاركة السودان في التحالف الخليجي لردع الحوثيين باليمن العديد من ردود الأفعال ولا زالت تداعيات وآثار هذه المشاركة تملأ القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية التي نشرت صوراً لطيار وطائرة زعمت أنها سودانية أسقطتها جماعة (الحوثي) قرب العاصمة اليمنية صنعاء قبل أن تصدر القوات المسلحة السودانية بياناً تكذيبياً على لسان الناطق الرسمي العقيد “الصوارمي خالد سعد” أكد فيه أن ما تردد من أنباء حول إسقاط عناصر (الحوثي) لطائرة سودانية وأسر قائدها لا أساس له من الصحة. بينما أكدت المملكة العربية السعودية أنه نتيجة لعطل فني سقطت أول طائرة في عمليات (عاصفة الحزم) باليمن وتم إنقاذ الطيارين بمساعدات أمريكية.
اتجاهات جديدة
في غضون ذلك انطلقت أعمال القمة العربية العادية رقم (26) بشرم الشيخ المصرية أمس (السبت) مع استمرار التحالف بقيادة السعودية والسودان في توجيه الضربات إلى مواقع ومعاقل الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء. وعقدت قمة ثلاثية بين الرئيس المصري والعاهل السعودي والرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي” بمطار شرم الشيخ الولي قبل انطلاق القمة. وقال رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للقمة العربية بشرم الشيخ المصرية أمس إن خطر التطرف والإرهاب يحتاج إلى معالجة فكرية وثقافية ودينية، فضلاً عن برامج وطنية تستوعب الشباب. وأضاف “البشير” أن السودان يجدد تأكيد دعمه المطلق للتحالف العربي في مواجهة الحوثيين باليمن. وقال: (نشارك في عملية (عاصفة الحزم) بكل فعالية من أجل حماية الشرعية والمنطقة العربية. وأوضح “البشير” أن حكومته (أجرت عدداً من الإصلاحات السياسية وحواراً وطنياً شاملاً سنلتزم بنتائجه ومخرجاته في وضع دستور شامل وتطوير نظام الحكم بجانب إجراء انتخابات حرة ونزيه سيشهد عليها العالم أجمع). وأردف “البشير” (إننا نثق في أن القمة ستدعم مبادرة الأمن العربي وزيادة حجم التجارة البينية وإنشاء مناطق حرة وتعزيز التكامل الاقتصادي).
تضامن مع الإمارات
وفي تطور إيجابي لافت على مستوى العلاقات الخارجية وموقف السودان من الهموم والقضايا العربية، أعلن الرئيس “البشير” أمام القمة العربية في شرم الشيخ، أمس (السبت) أن “السودان تتضامن بشكل كامل مع الإمارات في قضية جزرها الثلاث المحتلة من إيران”، مطالباً الإمارات بالحكمة في التعامل مع القضية. وتنازع الإمارات إيران منذ عدة سنوات على تبعية ثلاث جزر هي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. وتؤكد الإمارات ملكيتها للجزر التي سيطرت عليها إيران بعد انسحاب البريطانيين منها عام 1971. وقال “البشير” إن الظروف الصعبة التي تعاني منها بعض الدول أدت إلى ظهور الإرهاب وتمدده بالمنطقة، وأن التطرف والإرهاب من أكبر المخاطر التى تواجه الأمة العربية، ما يستدعي بناء مقاربة على أساس المعالجة الفكرية والأمنية والسياسية. وأضاف أن (السودان تابع باهتمام بالغ تطورات الأوضاع في اليمن منذ مدة، وتابع المحاولات المتعددة لعرقلة الحوار الوطني من قبل الحوثيين على نحو يهدد المنطقة العربية برمتها ويهدد أمن المملكة العربية السعودية). وتابع: (السودان يعرب دعمه اللا محدود لائتلاف الدول المؤيدة للشرعية المشاركة في عاصفة الحزم ويؤكد مشاركته الفعلية على الأرض ضمن قوات التحالف دعماً للشرعية اليمنية والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة). وطالب القمة بإصدار قرار قوى لدعم عملية (عاصفة الحزم) في اليمن للحفاظ على الشرعية هناك.
وأكد “البشير” أن (الأوضاع في سوريا لا يجب السكوت عليها، ويجب وقف نزيف الدماء التي تسيل على أراضيها)، لافتاً إلى أن (السودان يدعو إلى تعزيز الجهود لوضع حد لإنهاء معاناة هذا الشعب العربي الشقيق).
وفي ما يختص بالموقف من ما يجري على الأرض في ليبيا. قال البشير إن (ليبيا بمساحتها وخيراتها تتسع لجميع الليبيين، والحل هناك يقوم على أساس الشراكة القائمة على الحوار والحل السياسي). وزاد: (ندعوهم لإعلاء شأن الوطن على المطالب الصغيرة والتوصل إلى حكومة ليبية يشارك فيها الجميع بدون عزل تعمل على الحفاظ على الدولة). بينما قال الملك “سلمان بن عبد العزيز” عاهل السعودية أمس (السبت) إن الحملة العسكرية العربية بقيادة بلاده ضد الحوثيين في اليمن ستستمر حتى تحقق أهدافها. وتشن عدة دول عربية بقيادة السعودية منذ أيام حملة عسكرية على مواقع للحوثيين في اليمن بعدما استولوا على العاصمة صنعاء قبل شهور وتقدموا في الآونة الأخيرة للاستيلاء على عدن التي كان يتحصن بها الرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي” قبل سفره للمشاركة في القمة العربية.
احتواء الأزمة اليمنية
وقال ملك السعودية “سلمان” في كلمته في افتتاح القمة العربية بمنتجع شرم الشيخ المصري (سوف تستمر عاصفة الحزم حتى تتحقق جميع الأهداف وينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار). وأضاف أن “العدوان الحوثي” في اليمن يشكل تهديداً كبيراً لأمن المنطقة العربية. من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” أمام القمة العربية في منتجع شرم الشيخ المصري أمس (السبت) إن الطريقة الوحيدة للحيلولة دون صراع طويل في اليمن هي عبر مفاوضات بواسطة المنظمة الدولية. وأضاف (المفاوضات – بوساطة مبعوثي الخاص “جمال بن عمر” والتي يعززها مجلس الأمن- ما زالت هي الفرصة الوحيدة حتى لا يطول الصراع).
وقال الرئيس اليمني “عبده ربه منصور” مخاطباً القمة العربية (أتيت إليكم اليوم من اليمن الجريح مشاركاً في القمة العربية). وقال الرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي” في كلمته بالجلسة الافتتاحية للقمة العربية الـ (26) التي تنعقد بشرم الشيخ المصرية، إن (عاصفة الحزم) كانت استجابة لطلبه الرد على (العدوان الحوثي)، داعياً لاستمرارها حتى تحقق أهدافها. وذكر “هادي” أمس (السبت) أن (عاصفة الحزم) تهدف لحماية الشعب اليمني مما أسماه العدوان، وبيّن أنها لا تنتهك سيادة الدولة اليمنية، فمن انتهك السيادة هم من حاصر الرئيس ونهب مؤسسات الدولة، في إشارة إلى جماعة (الحوثي). وبيَّن أن الشعب اليمني واجه العدوان والانقلاب في سائر المحافظات، داعياً كل أبناء الشعب للالتفاف حول الشرعية الدستورية والخروج للشارع في مظاهرات تعبّر عن إرادة اليمنيين الحرّة. كما أكد الرئيس اليمني أن مليشيات (الحوثي) وحلفاءها في الخارج مصابون بهوس السلطة والاستبداد، (وهم أدمنوا العنف والدمار واجتياح المحافظات وسفك الدماء مما أوجد حالة من الفوضى العارمة). وأكد “هادي” أنه يحضر ليمثل اليمن (بشرعيته الدستورية وشموخه الجامح ولإيصال صوت الشعب اليمني لأمته العربية). ولفت إلى ما تعرض له من صعوبات وتحديات أثناء رحلته وتقدم بالشكر للتعاطف مع شعب اليمن وأفاد بأنه يشارك في أعمال القمة العربية وكله ألم وحسرة على أبناء شعبه الذين يحلمون بوطن آمن ومستقر في ظل دولة مدنيّة اتحادية حديثة تستلهم أسسها من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي انقلبت عليه مليشيات (الحوثي) وحلفاؤها في الداخل والخارج. وألقى أمير الكويت الشيخ “صباح الأحمد الجابر الصباح” كلمة الافتتاح باعتباره رئيس الدورة الخامسة والعشرين للقمة العربية. وقال: (نحن اليوم نلحظ بأن المشهد السياسي في وطننا العربي يزداد سوءاً وتعقيداً سواء كان ذلك بالتصعيد الذي رافق الوضع في ليبيا أو التدهور الأمني الذي يعانيه الأشقاء في اليمن). وأضاف: (بعد ما يزيد عن الأربع سنوات من دخول منطقتنا مرحلة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار والتي أطلق عليها البعض الربيع العربي عصفت بأمننا وقوضت استقرارنا وأدخلتنا في حسابات معقدة). وتابع: (نعاني تراجعاً حاداً في معدلات التنمية وتأخراً ملحوظاً في مستوى تقدمنا وتطورنا). وأشار إلى القتال في سوريا، مشدداً على أن حل الأزمة لابد أن يكون سياسياً في إشارة إلى تحدٍّ أمني آخر يواجه العالم العربي. وقال أمير الكويت: (يأتي الإرهاب بأفكاره الهدامة وسلوكه المنحرف وأيديولوجيته المارقة وأفعاله المشينة كأبرز التحديات التي نواجهها). ووصف تحركات الحوثيين في اليمن بأنها تمت (بشكل بات يهدد أمن المنطقة واستقرارها وسلامة دولها وشعوبها).
توقعات وتكهنات
ومن المقرر أن تناقش القمة العربية مشروع قرار وافق عليه وزراء الخارجية العرب في اجتماع تحضيري في شرم الشيخ يوم (الخميس) بإنشاء قوة عسكرية عربية لمواجهة التهديدات الأمنية.
وكان الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” أول من اقترح تشكيل القوة. وقال “السيسي” في كلمته بعد أن تسلم الرئاسة الدورية للقمة العربية (ترحب مصر بمشروع القرار الذي اعتمده وزراء الخارجية العرب وتم رفعه إلى القمة العربية بشأن إنشاء قوة عربية مشتركة لتكون أداة لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي). وحول (عاصفة الحزم) قال “السيسي” (فشلت مساعي استئناف الحوار فكان محتماً أن يكون هناك تحرك عربي حازم تشارك فيه مصر من خلال ائتلاف يجمع بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية وأطراف دولية بهدف الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه). وقال ملك البحرين “حمد بن عيسى آل خليفة” (من منطلق حرصنا على أمن واستقرار المنطقة من كافة نواحيها فإننا نؤكد على أهمية اعتماد في هذه القمة مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة تكون مهمتها التدخل العسكري السريع رداً على أي اعتداء يهدد أمن واستقرار وسلامة أي من دولنا العربية).
المجهر السياسي