لا يملك أي مراقب ومتابع ليوميات الأزمة في اليمن (الذي كان سعيداً) بعد أن أحاله الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق المخلوع بإرادة شعبية كاسحة إلى (اليمن التعيس)، ليس فقط بسبب الخراب والدمار الذي ألحقوه بأرض الحكمة، وإنما أيضاً بفعل التحرشات والاستفزازات والتهديدات التي مارسوها على دول الخليج وأبرزها المملكة العربية السعودية، لا يملك إلا أن يقف إلى جانب عاصفة الحزم لحسم هذه الفوضى الحوثية وإعادة الأمور إلى نصابها، ولا أحد يتحمل مغبة ما يجري سوى الحوثيين أنفسهم ومن خلفهم حلفاؤهم، إذ إن المملكة التي تصدت بحسم لقيادة عاصفة الحزم قد صبرت وضبطت النفس وصابرت على تحرشات الحوثيين حتى حق لها أن ينفد صبرها، فدفعت دفعاً واضطرت اضطراراً إلى جانب دول الخليج الأخرى فيما عدا عمان ودول عربية وإسلامية أخرى لخوض هذه الحرب التي فرضها على الجميع الحوثيون وأشياعهم، وهذا يعني أنها حرب دفاعية أكثر من كونها هجومية، وأنها للدفاع عن النفس والحرمات والسيادة وليست بأي حال تعد على الآخر وتدخل في شؤونه الداخلية، بل إن الحوثيين ومن هم وراءهم هم من عمدوا إلى جرجرة الآخرين إلى هذا الاصطفاف ضدهم، حيث أطلقوا وهم في غمرة نشوة انتصارات الخراب التي حققوها، تهديدات صريحة للمملكة بأنها الهدف القادم، وأن عرش آل سعود سيتم الإطاحة به، واستعرضوا قوتهم على حدود المملكة بإجراء مناورات عسكرية بالأسلحة الثقيلة، وكل هذه إشارات بالغة الاستفزاز والخطر، ولا يمكن لأي دولة ذات سيادة أن تتجاهلها، أو أن تنتظر حتى يدخل الحوثيون عليها مدنها وقراها، خاصة وأنهم فعلوا ذلك العدوان من قبل…
وعوداً على بدءٍ، وعطفاً على كل الحيثيات والملابسات التي سبقت ساعة صفر عاصفة الحزم، فإن العملية السعودية تكتسب من جميع ذلك مشروعيتها تماماً، إضافة إلى شرعية أخرى يضيفها ويعززها أن هذا التحرك يتم أيضاً بطلب من الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي، ولعل هذا ما جعل هناك إجماعاً عربياً، باستثناءات طفيفة، على دعم السعودية في معركتها المشروعة وتأييد العمليات، وإبداء أكثر من دولة استعدادها للمشاركة دعماً للقوات السعودية.. ولكن وأخيراً ثمة سؤال أخير: ثم ماذا بعد عاصفة الحزم؟، فهناك الكثير الذي يحتاج إلى الحسم أيضاً…