تحتضن العاصمة السعودية الرياض اليوم (الأربعاء)، قمة سعودية- سودانية، تتناول تعزيز العلاقات الثنائية وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك. وسيصل الرئيس عمر البشير إلى المملكة ليلتقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في قمة مشتركة، تتناول وجهات النظر الثنائية تجاه الأوضاع العربية خاصة ما يجري في اليمن وليبيا وسوريا.
جولة متعددة:
و من المنتظر أن يتوجه الرئيس البشير من السعودية إلى مصر حيث أعمال القمة العربية العادية الـ26، التي ستنطلق في الـ 27 من مارس الحالي بمدينة شرم الشيخ، لبحث المهدِّدات الأمنية على المنطقة، أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وقال سفير السودان بمصر، مندوب السودان لدى الجامعة العربية، عبد المحمود عبد الحليم، إن أبرز القضايا التي ستطرح أمام القمة العربية هي صيانة وحماية الأمن القومي العربي، في ظل التحديات التي تجابه المنطقة.
ونوّه إلى بحث الأوضاع السياسية في كل من سوريا، اليمن، وليبيا، بالتركيز على المخاطر التي سببها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، والسيادة الوطنية للدول والوحدة الإقليمية والترابية بالمنطقة وتأثيرها على مختلف الدول
اجندة الزيارة
ونقلت مصادر لـ”التيار” بأنه سيتم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.
وتعد هذه الزيارة هي الأولى للرئيس البشير للمملكة بعد أن تولى الملك سلمان مقاليد الحكم في أعقاب وفاة العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، في 23 يناير الماضي، بعد مشاركته في مراسم جنازة العاهل الراحل.
وتأتي الزيارة بعد تسلم الرئيس البشير، مساء السبت الماضي، رسالة خطية من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز تتعلق بتعزيز العلاقات بين البلدين.
قراءة دبلوماسية:
وتوقع السفير محمد حسن الركابي مدير مركزدراسات الشرق الاوسط في تعليق لـ” التيار” أن تحدث زيارة الرئيس البشيرانفراجا في علاقات السودان مع دول الخليج، لاعتبار نفوذ الرياض ومسكها لزمام الأمور في المنطقة. وذكر الركابي لقلق الرياض من التوترات الأمنية في الشرق الأوسط ودول ليبيا، سوريا، العراق، اليمن ونمو الإرهاب، الأمر الذي يمكن من خلاله التنسيق المشترك مع السودان في معالجة تلك القضايا خاصة الملف الليبي المتشعب. وأفاد محمد حسن بأن الزيارة سيتمخض عنها تكاملات سياسية وأمنية وسياسية بين الدولتين في ظل الانفراج الذي حدث في علاقاتهما، مدلالا بذلك على التكاملات التي عمت الغرب في أوروبا وأمريكا، الأمر الذي يلقي أعباء كبيرة على الدول العربية للتنسيق فيما بيها في القضايا.
ونبه الركابي إلى أن المملكة دولة ذات تأثير كبير في المنطقة العربية، ويمكن أن تسهم في أحداث نهضة في الاقتصاد السوداني الذي يعاني من ضغوط كبيرة وتابع: “أتوقع انفراج في سعر الدولار نتاج لمثل ذلك التنسيق المهم” .
مكافحة الإرهاب:
ويضيف الركابي، أنه منذ قرار مجلس الأمن رقم “1373” بشأن مكافحة الإرهاب، فإن هنالك تنسيق لمكافحة الإرهاب بين الدول، مما يؤكد وجود ملفات مهمة بين الخرطوم والرياض في ذات الاتجاه.
وخلال السنوات الماضية، رغم الفتور الذي شاب العلاقات بين الخرطوم والرياض إلا أن هنالك ازدهار نسبي بفضل تنامي درجة التبادل الاقتصادي والاستثماري بين البلدين. رغم العراقيل التي تم إزالتها أمام زيارات رجال الأعمال والمستثمرين.
ويقول مراقبون، إن خطوة الخرطوم في سبتمبر من العام الماضي بإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية على أراضيها بعد اتهامها بنشر “التشيع” والتي وجدت تأييدا واسع النطاق من دول الخليج بما فيها الممكة قد تحوَّل مسار العلاقات مع الخرطوم إلى إطار أرحب وتعاون مشترك، سيما وأن دول مجلس التعاون الخليجي قلقة من الحراك الشيعي في المنطقة العربية.
رؤية إستراتيجية:
أما الباحث بمركز دراسات المعرفة، يوسف السيد، يقول: إن العلاقات السودانية – السعودية متميزة، رسختها عدد من العوامل بينها العامل الديني، ويعود بذاكرته إلى التاريخ والسطان على دينار وكسوته للحرمين الشرفين، كما ينبه في زاوية أخرى إلى أن الجالية السودانية أكبر الجاليات في المملكة، وعرفت بأنها ترفدها بعمالة مهرة وذات خبرة، ودلل السيد على ذلك بالصورة الذهنية التي تركتها قصة الراعي السوداني في الوسط السعودي وأمانته. وفي الجانب الاقتصادي يشير الباحث إلى أن السودان يمد سوق الهدي السعودي من الضأن السوداني بنسبة ضخمة تتجاوز 90 بالمئة من احتياجات السوق السعودي، كما أن حجم الاسثمارات السعودية تتجاوز العشرين مليار دولار، ويضيف السيد بأن السودان قبلة للاسثمارات الزراعية السعودية لتوفر الأراضي ومصادر المياه.
وبشأن التنسيق الأمني والإسترتيجي بين الدولتين، يقول الخبير: هناك تعاون كبير بين البلدين في مجال مكافحة القرصنة البحرية ومكافحة الإرهاب والتنسيق الإستخباراتي في القضايا التي تخدم مصلحة الشعبين وتسليم المجرمين بموجب برتكولات وقعت بينهما.
ويشير الخبير بمركز ركائز المعرفة إلى أن 85 بالمئة من بترول الخليج يصدر عبر البحر الأحمر، مما يتطلب التنسيق لتأمين المنطقة منوها إلى أن الأبعاد الإسترتيجية تتطلب إحكام التنسيق لذلك، وتابع يوسف السيد حديثه قائلا: إن قمة البشير وسلمان ستتطرق للأزمة في اليمن وتمدد الحوثيين، الصراع في سوريا، مكافحة الإرهاب والأزمة في ليبيا والتي تمتلك الخرطوم خارطة وخيوط لحلها، بجانب تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة وكيفية التصدي لبؤر التطرف الديني.
التيار