أرسلت لي أخت عزيزة شقيقة (شهيد) مضى إلى الله طاهراً ومؤمناً بقضية دين ووطن واحد، معلقة على مقال أمس (قناة النيل الأزرق.. ابتذال عيد الأم)، وبعد الإشادة تساءلت: وأين أمهات الشهداء من برامج القناة في عيد الأم؟!
تقول أخت الشهيد وفضلت الاحتفاظ باسمها: (وأين أمهات الشهداء.. أمهات الوطن من عيد الأم.. لقد تعبن وسهرن ثم دفعن بمن يقول لهن كلمة (يمة) و(أمي الحاجة كيف أصبحتي).. دفعن بفلذات أكبادهن ليكونوا فداء للوطن. وأنا أعلم أن الذين مضوا شهداء كانوا نعم الأبناء البررة، ولعل لسان حالهم كان ينازع مقالة الشاعر “محمود درويش” (وأعشق عمري لأني إذا ما متُّ.. أخجل من دمع أمي)، ورغم ذلك ودعوا الخنساء ودموعها لن تجف، فمن مضوا كانوا أبناء الشمس التي تظل تهب الضياء، فلا يموتون ولا هم يعودون!! يملأون بعد كل السنين أرجاء الوطن عطراً ودعاء..!!
يا له من تعقيب حار.. مكتوب بحرف نبيل.. مغسول بدمع غالٍ سخين!!
لم أنس أمهات الشهداء، ولكنني كلما تذكرتهم.. تذكرت الشهيد (الجنوب)!! كل مشروعنا.. وتاريخنا.. وديننا.. وشهداءنا بعشرات الآلاف الذين قبروا هناك في الاستوائية.. شرقها وغربها.. وفي بحر الغزال.. وأعالي النيل.. سافروا إلى الله صادقين ومخلصين ومؤمنين بقضيتهم، وما كانوا يظنون يوما أنها ستخضع لمزايدات وصفقات وتنازلات بالجملة !!
جرحنا الغائر في الجنوب.. الذي ضاع منا ومن بين أيدي الجنوبيين أنفسهم، لا تضمده شعارات ولا هتافات ولا صحائف صفراء طعنت الوطن وقسمته قسمين.
جريمة (الانفصال) بقدر ما تسأل عنها عصابة (الحركة الشعبية) التي اختطفت (ربع) أرضنا و(ثلث) شعبنا، يُسأل عنها انفصاليو وموتورو ونصف ساسة (الشمال)، والآخرون مزيفو الحقائق أصدقاء (الحركة) من اليسار (البرتقالي) أدعياء الليبرالية والحريات، المدافعون – بلا فهم – عن كل المفاوضات.. وكل الاتفاقيات باسم السلام.. والسلام من دعواتهم براء!!
نعم هو عيد أمهات الشهداء.. أم الشهيدين “أنس” و”أمين أحمد الدولب”.. شقيقي الوزيرة الإنسانة..المكافحة.. المثابرة “مشاعر الدولب” وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي.. لها التحية. وهو كذلك عيد أم الشهيد “علي عبد الفتاح”، وأم الشهيد “المعز عبادي” وأمهات جميع شهداء الوطن الباقيات والراحلات.. من أنجبن للوطن الشهيد “عبيد ختم” و”محمد أحمد عمر”، والمشير “الزبير محمد صالح” والشهيد الفريق “إبراهيم شمس الدين” الذي كان رمزاً للجهاد وقدوة للشباب.. كان “خالد بن وليد” (الإنقاذ) وفقدهم الكبير.. وغيرهم بالآلاف.. تقبلهم الله جميعاً إلى جواره في الرضوان.
انحناءاتي.. وإجلالي لكل أمهات شهداء السودان.