بين الأمومة والصحافة.. سيناريو الاغتيال

تحقيق الذات قد لا تراه الإناث في النجاح في الجوانب العملية مثل الرجل الذي يقدس عمله ويعتبره همه الأول والأخير ونجد أن مهنة الصحافة تعتبر من المهن الجاذبة والتي قد تفرض علي المرأة علي وجه الخصوص قيودا تأتي خصما علي حياتها الخاصة ونجد أن الكثير من الزميلات قد انشغلن بصغارهن ومسئولية البيت تاركات عملهن الصحفي غصبا عنهن ولكن بالمقابل واصلت عشرات الإناث العمل في الوسط الصحفي وحققن نجاحات لا تخطئها عين في كل المجالات والقوالب الصحفية بل وتفوقن علي الرجال في ذلك ووصلت النساء في السودان الي درجات عليا حتي إنهن وصلن لمنصب رئيس تحرير في وقت مبكر حققته الأستاذة آمال عباس صاحبة عمود(العمق العاشر)والذي غاصت عبره في قضايا وملفات سطرها قلمها الرصين وتابعتها الآلاف .

إلا أن هنالك وجه آخر للعمل الصحفي لم يكن ظاهرا في أزمان غابرة وظهر حاليا في بشاعة غريبة حيث نجد أن اغلب الصحف ورؤساء تحريرها لا تشجعهم إطلاقا فكرة الصحفية التي لديها أطفال بل ظلت تعاني بعض الصحفيات المتزوجات الأمهات من عدم الاستيعاب في عملهن كالمعتاد تحت حجج واهية تتلخص في أن الصحافة تحتاج لصحفية عازبة أو بدون أبناء فيما لو كانت متزوجة ويرجع للأسف الرجل بتقديراته هذه الي آلاف السنين الضوئية لكون الصحفية مؤهلة تأهيلا كاملا ولا ينقصها شئ من مطلوبات العمل ويتغاضي اغلب رؤساء التحرير مثلما تؤكد بعض الزميلات يتغاضون عن التطور في التقنية وإمكانية توظيفها في العمل الصحفي أو انه بات بالإمكان الفوز بسبق صحفي بدون ان تشكل الصحفية حضورا وان حضورها الحقيقي يكمن في فكرها المتقد وخبرتها المتراكمة التي باعتها بعض الصحف فقط لكونها مخضبة بالحناء في منحي مستفز وموغل في الحسد والغيرة ذلك أنه من المعروف انه لا يمكن أن تساوم سيدة متزوجة وأم لأطفال صغار تساوم علي فصل حياتها او إلغائها مقابل الاندراج ضمن كوادر الصحيفة وستكون رئاسة التحرير تلك قد ناقضت نفسها لكونها تحتفل بالأمومة علنا ثم تحاربها سرا في التباس غريب واغتيال فاضح لحقوق المرأة والتي كفلتها لها كل القوانين والتشريعات الدولية والمحلية 0وصارت المرأة ضحية لفهم القاصرين من زملاء المهنة الذين لا ينظرون لأبسط الحقوق الإنسانية ذلك أن المرأة وبممارستها لأمومتها إنما تمارس اعلي درجات الحب والإنسانية وسيدات كهؤلاء كان الأحرى بالصحافة تكريمهن لكونهن يقمن بأعباء صعبة وشاقة وفوق ذلك ارتضين ممارسة عشقهن اللدود من عملهن الصحفي الذي يبادلهن الشعور نفسه إلا ان عقلية البعض لم ترتضي إكمال ذلك التزاوج الشرعي والذي كان سينتج جملة من المواد المنافسة في سوق العمل الصحفي وفي ذلك تقول الأستاذة الزميلة الصحفية الأشهر في مجال التحقيقات حنان كشة والتي تزوجت مؤخرا وأنجبت طفلا عمره الآن ثمانية أشهر وعرفت كشة بشغفها الواضح بالعمل الصحفي الذي تعشقه حد الوله وتقول حنان صاحبة تجربة مؤلمة بحق :ان الصحافة هي مجال خصب ويتيح للشخص فرصة الانفتاح علي الناس وخدمة الوطن والمجتمع الذي ننتمي اليه والخدمة تشمل المبادئ والأخلاق التي تربينا عليها وطالما أن الصحفي يستخدم قلمه فقط لنصرة المظلومين وكل صاحب قضية والمساكين وقضايانا كعرب وسودانيين وكفئات والحمد لله والحديث للأستاذة حنان كشة الحمد لله ساعدتنا أسرنا حتي صرنا صحفيات متجاوزين عقبات عديدة خاصة ثم شرعت كشة في الحديث عن تجربتها الشخصية وقالت انا صحفية وعملت ما يزيد عن العشرة أعوام والحمد لله مشهود لي بالكفاءة ثم تزوجت كأي بنت عادية وكنت اعمل بصحيفة الخرطوم فتم إنهاء عقدي وبالطبع لدي حقوق بموجب ذلك العقد تصل لمرتب عام ومعي مجموعة من الزملاء إلا أن المؤسسة لم توفي بحقوقنا والآن القضية بمكتب العمل ولدي طفل عمره ثمانية أشهر ولم أتمكن من مواصلة العمل ولكنني اعمل في إنهاء الماجستير من جامعة الخرطوم وأضافت كشة بالقول انه من المؤسف أن بعض الصحف ترفع شعارات فضفاضة حيث طلبت أن اعمل بها إلا أنهم لم يرفضوا وقالوا لي انتي أستاذة مشهود لكي بالكفاءة وتكرر هذا المشهد معي في أربعة مؤسسات صحفية إلا أنها لم تتصل بي جميعها لأجدها بعد فترة وقد تم تعيين أشخاص قدراتهم اقل مني وعندما جلست مع نفسي اكتشفت أن سبب الرفض هو زواجي وإنجابي لطفل رزقني به الله ولذلك تعتقد أستاذة حنان كشة أن بعض الصحف تسعي لتحطيم النساء ورغم أنها سمعت بذلك إلا أنها لم تصدق حتي مرت بنفس التجربة وأكدت أنها حرب علي المرأة الصحفية وتصرفهم معي له تفسير واحد وهو (يكفي ما قدمتيه)ولكن الحمد لله تسير أموري بشكل جيد وتأتي ميولي نحو العمل الصحفي لأنه رغبتي واجد نفسي فيه.

ولكن تعتقد الأستاذة حياة حميدة الصحفية المعروفة بان الأمومة لا تغتال المهنة إطلاقا وتروي حياة كيف أنها أرفدت قسم الأخبار بخبر وهي في غرفة الولادة وقبل أن يزول تأثير المخدر أعطته للأستاذ الطيب فراج وأكدت أنها كانت في الصحيفة تمارس عملها في آخر يوم لها قبل الولادة مؤكدة أن الاتهام لا أساس له من الصحة لكون الأمومة رسالة إنسانية والام حاضرة في اغلب مواد الصحف.

وتقول الزميلة الأستاذة هيبات الأمين الصحفية المعروفة صاحبة صفحة السهلة السودانية انه ليس بالضرورة ان تنهي خدمة المرأة المتزوجة في مجال الصحافة لكونها عليها التزامات وظروف في المنزل ولكن معروف ان مهنة الصحافة تتوقف علي الإمكانيات الصحفية والأداء المهني وإذا توفرت هذه الشروط ليس من حق الصحيفة أن ترمي بها خارج أسوارها إلا إذا أثبتت العكس أو كان أداؤها متذبذبا ذلك لان الوسط الصحفي يعج بنساء رفعن لواء الكلمة عاليا ودافعن عن حقوق المرأة ومنهن الشاعرات والكاتبات والصحفيات المخضرمات فالمرأة في هذا الزمان الملتهب بشرارة العولمة تناطح الرجل في إبراز سماتها وإمكانياتها الإبداعية ولذا الفاصل هو فقط حب العمل0ويأتي عرضنا لهذه القضية الهامة مشاركة منا للمرأة وهي تحتفل بيومها العالمي حيث أحرزت صحفيات ناشطات علي جوائز قيمة رفعت درجاتها علي المستوي الخارجي فهل ستستجيب الأوساط الصحفية وتتغاضي عن أعباء ارتضت أن تتحملها الصحفية بصبر تحسد عليه .

غادة أحمد عثمان
صحيفة ألوان

Exit mobile version