تجريد المطربين من ألقابهم

لا ذنب لمحلية عطبرة وهي تقيم موسما ثقافيا يشتمل على الفنون والطرب والتراث وتكريم المبدعين.. لا ذنب لها وهي تفعل ما يفعله الآخرون في كل الولايات والمحليات والمواسم الثقافية والسياحية.. اشتعلت أوار هذه الثقافة في بادئ الأمر في ولاية البحر الأحمر.. ولم تملك باقي الولايات إلا أن تستنسخ الفكرة بكل تفاصيلها بما في ذلك البحث عن إنشاء فضائية خاصة.. صحيح إن ولاية البحر الأحمر تصلح لأن تكون ولاية سياحية بامتياز.. بل ربما كان هذا رأسمالها الاستثماري الذي نجحت في تسويقه.. وكان على الولايات الأخرى في المقابل إن تبحث عن ميزاتها التفضيلية ثم تقيم مواسمها التحريضية والترويجية وفقا لذلك.. لا يعقل أن تشتغل حكومات الولايات بذات عقلية العامة في الحواري والحارات.. فما إن صنع أحدهم دكان رصيد وعطور حتى أضحى الحي كله عطورا ورصيدا.. وهذه الأيام تجتاح إحياء العاصمة محلات غسيل العربات الأتوماتيكية.. فقط لأن أحد المفكرين قد أنشأ هذه الخدمة فلم يملك الآخرون إلا استنساخ الفكرة لدرجة التخمة ولا مؤسسة رسمية واحدة تنظم هذا النشاط !!

تمنيت والحال هذه أن يتميز كل وال بشيء مختلف عن الآخرين حتى لاتكون دورات الحكم نسخة واحدة مكررة.. على سبيل المثال أن يأتي والٍ للخرطوم ببرنامج غرس خمسة ملايين شجرة حتى لتبدو الخرطوم عبارة عن غابة خضراء، بل لتنتزع بجدارة لقب (العاصمة الحديقة).. علما بأن هذا المشروع لا يحتاج لاستيراد اسبيرات وقطع غيار محظورة من واشنطن.. وهو يعتمد على الإرادة الخلاقة أولا ثم الماء العذب والأرض، وهذا لعمري ما لا نملك غيره.. ولاسيما أن كل مليون شجرة بإمكانها أن تخفض الحرارة درجة واحدة.. فتخيل أن يقترن عصر والٍ بتخفيض درجة الحرارة خمس درجات بكساء مدينته الفاضلة حلة خضراء قل أن تجود المدن بمثلها !!

ولو عدنا إلى فكرتنا التي خرجنا اليوم لخدمتها.. فيفترض أن كل ولاية تقيم كرنفالاتها واحتفالاتها وفق تطلعاتها.. كان تحتفل ولاية نهر النيل بأجمل قصيدة مجدت البستنة والخضرة والجمال.. وأن نحتفل بأفضل مزرعة مثمرة وأميز مزارع مبدع منتج.. وأروع مزارع الدجاج والألبان والبيض والحياة.. صاحب أجمل منزل أخضر.. والحال هذه أن تصمم احتفالات بحر أبيض على خلفية اللون الأبيض وطعم السكر (قالوا قطعة سكر قلنا أحلى وأنضر).. أن تدرك ولاية القضارف أنها عاصمة لزهرة الشمس والسمسم والحياة و.. و..

وثمة مصطلح مختطف يجب تحريره وفك أسره.. أعني مصطلح (فنان) الذي يعني في بلد المليون مطرب.. يعني المغنين والمطربين الذين هم بعض المبدعين وليسوا كل الفنانين.. لهذا إذا مرض لنا مطرب تقوم الدنيا ولا تقعد.. وفي المقابل إذا أقعد المرض مزارعا مبدعا فنانا لا أحد يعلم به.. مع أن خطورة الأخير تكمن في أنه سيترك طوريته ويهجر مزرعته.. ولا أعرف كم ستخسر أمتنا إذا تخلف مطرب عن إقامة حفلة !!

Exit mobile version