ضاعت علىَّ فكرة اختبار مصداقية مفوضية الانتخابات عبر تصرف عملي.. في انتخابات العام ٢٠١٠ كنت ممثل الدكتور كامل إدريس/ المرشح المستقل لرئاسة الجمهورية.. بموجب ذلك التمثيل أحمل تفويضا قانونيا يجعلني أعبر عن كامل إدريس في المفوضية.. ماذا ستفعل المفوضية لو أنني ذهبت إلى مبانيها وتقدمت بترشيح الدكتور كامل إدريس لمنصب رئاسة الجمهورية.. أغلب الظن أن المفوضية كانت ستحتفي بهذا التصرف الأخرق كما فعلت مع التفويض القديم الذي كان يحمله مولانا الحسن الميرغني.
تحدثت هاتفيا يوم الجمعة الماضي إلى البروفيسور البخاري الجعلي الرمز الكبير في الحزب الاتحادي الديمقراطي، حول توقعاتهم لمسار نهاية النزاع بينهم والحسن الميرغني.. بصمت الأكاديمي الضليع والقانوني المتمكن فصل الجعلي تفاصيل النزاع تاركا لي حرية اختيار النهاية المناسبة.. تبدأ القصة بخطاب أرسله مولانا محمد عثمان الميرغني، يجعل الدكتور الجعلي مفوضا في مفوضية الانتخابات وذلك في العام ٢٠١٠.. بعد اختيار البخاري كمرشح لمنصب والي نهر النيل، كان على مولانا أن يبحث عن بديل مقيم، فاختار ثلاثة من بينهم ابنه الحسن ليكونوا مناديب للحزب بمفوضية الانتخابات.. بالطبع مثل هذا التفويض مفترض أن ينتهي بنهاية المناسبة، ولكن الفريق الهادي محمد أحمد عضو مفوضية الانتخابات يرى غير ذلك.
وحسب محدثي الجعلي طلبت مفوضية الانتخابات من جميع الأحزاب اختيار مناديبها للانتخابات الحالية.. قدم الحسن الميرغني تفويضا لنفسه.. بمعنى أن الذي مهر خطاب تفويض الحسن لم يكن سوى الرجل نفسه.. المفوضية ترددت في البداية و(لكن).. المهم في الأخير تم اعتماد محمد الحسن الميرغني، مفوضا عن حزب والده.
حينما هم الميرغني الصغير بإصابة السلطة عبر تواصله السري مع المؤتمر الوطني بدأ المعارضون في تقليب الأوراق ثم لجأوا للقضاء.. حينما اعتذر القاضي الأول عن تقديم طلب للمفوضية بإحضار التفويض باعتباره مصدر النزاع.. طلب الممثل القانوني للشاكين إحالة النظر في القضية إلى قاضٍ آخر وهو ما حدث بعد موافقة الجهاز القضائي.. القاضي الجديد طلب من المفوضية إحضار خطاب التفويض واستشهد برأي مجلس الأحزاب باعتباره الجهة المنظمة لعمل الأحزاب.. المجلس الموقر أفاد المحكمة أن الحسن الميرغني لا يملك صفة تنظيمية تجعله يخاطب المفوضية أو ينصب نفسه مفوضا.
أمس أصدرت المحكمة حكما يرفض الدعوى المقدمة من خصوم الحسن الميرغني.. بالطبع أي حكم قضائي يستحق الاحترام.. ولا يستحسن التعليق عليه.. لكن في تقديري أن الممارسة القضائية تتيح الاستئناف لدرجات عليا.. لهذا أتمنى أن يلتزم البخاري الجعلي وإخوته طريق القضاء.. هذا الطريق طويل ولكنه في النهاية يفضي إلى إحقاق الحق.
بصراحة.. اسوأ خيار لعاقل أن (يحرد) العدالة.. كل ما زادت الممارسة قلت الأخطاء فأمضو إلى استئنافكم يا أشقاء.