ميرغني ابو شنب : عشت شهرا كاملا اميرا في باريس

قبل ايام قليلة مضت .. ذهبت الى صالون حلاقة بشارع العرضة بمدينة ام درمان لقص شعري الذي كان منظره لا يسر الناظرين ووجدت في صالون الحلاقة الدكتور والشاعر المبدع عمر محمود خالد الذي قال لي ان الصالون يملكه قطب المريخ بله المنصوري .. وقام بالاتصال به هاتفيا وقال له ان كل النجوم في الصالون .. وهو غير موجود فطلب بله المنصوري ان يتحدث معي مرحبا واصدر تعليماته ألا ادفع شيئا وقال لي ان مدينة المنتصر للتربية الرياضية تحت تصرفي وتصرف افراد اسرتي بالمجان .. ومن عادتي ألا اقبل ان يتعامل معي اي شخص في مجاله بالمجان .. ولهذا قطعت صلتي بصالون بله المنصوري ولم اذهب لمدينة المنتصر ولا مرة واحدة .. ونفس هذا هو ما حدث مني مع البروفيسور صالح ياسين عندما ذهبت له في عيادته شاكيا فوجدت امامه صحيفة (اخبار اليوم) وسألني ان كنت ميرغني ابو شنب .. وعندما اجبته بنعم طلب من الممرض ان يعيد لي ما دفعته واحضر الكرت الذي جعلوه لي وكتب فوقه: يعالج لدينا مدى الحياة مجانا .. ولم احاول ان اعود له مرة ثانية وتحولت منه الى البروفيسور ابشر حسين بمدينة ام درمان شمال الدايات .. وابشر حسين بالمناسبة يحترمني جدا .. وجعل معي رقم موبايله حتى استطيع ان اتصل به كما قال في اي وقت .. وهو شاب ممتاز .. قال لي انني لو حرصت على تناول كوبين من الحليب في المساء قبل النوم فانني طوال حياتي لن اشعر بألم في المعدة.
وقد انتهزت فرصة وجود الطبيب الشاعر عمر محمود خالد في صالون بله المنصوري وسألته كيف استقبلت اسرة السيدة الفضلى سيدة علي كرار قصيدة:
يا سيدة لا .. فايتانا وين مستعجلة
ما انتي كملتي الحلا ..
التي كتبها وحظيت برواج كبير فقال لي انهم سعدوا بها جدا ووجهوا لي الدعوة لزيارتهم في منزلهم وجلسوا كلهم امامه وطلبوا منه ان يلقي عليهم القصيدة .. ففعل ذلك واصبح صديقا لهم .. والدكتور عمر محمود خالد كما نعلم متزوج من (الدهباية) ابنة حكمنا الدولي السابق حمدي ـ الله يرحمه.
‭{‬ سقت كل هذا لاقول ان الشخص الذي طلبت منه مرة قص شعري في صالون .. لم يكن سعيدا بذلك لان شعري شكله قد تغير .. فقد تقدمت بي السن وملأ الشيب كل رأسي وانا سعيد جدا بذلك لان الله يستحي من حرق الشيب بالنار .. وعندما كنت مع صاحب السمو الملكي الامير عبد الرحمن بن سعود الذي عملت معه مديرا لمكتبه في باريس حيث قضيت شهرا كاملا كواحد من الامراء في كل معاملاتي ويكفي القول هنا انني سكنت في فندق (سوفي هوتيل) بشارع الشانزلزيه الشهير .. الذي يبلغ ايجار الغرفة به ألفي دولار في اليوم الواحد .. وقد كنا سبعين شخصا .. وغرفتي في الطابق 76 وغرفة الامير وزوجته في الطابق 78 والفندق مكون من 80 طابقا. وكنت ارافق الامير عبد الرحمن في كل تحركاته حتى اقوم بالترجمة له .. وفي اول يوم اخذني الى ملك الموضة في العالم وملك العطور (كريستيان ديور) وطلب منه ان تجهز له ثلاثين بدلة بكل لوازمها وكان ذلك بعدد ايام اقامتنا وبالنسبة للعطور فقد علمت ان التعامل معها يكون بالزجاجة الكبيرة.
‭{‬ وفي احد الايام طلب مني صاحب السمو الملكي الامير عبد الرحمن بن سعود ان نذهب الى دكان الحلاق .. ايضا بشارع الشانزلزيه وخضعنا لعملية قص الشعر ودفعنا له بعد ان فرغنا ألفي دولار اي ما يعادل اليوم بالجنيه السوداني ثمانية عشر مليونا .. وقد ظللت اقول هذا للحلاقين الذين اسعد بالتعامل معهم في صالونات الخرطوم حتى اسخر واعتذر من معاملاتهم الاستفزازية لي احيانا .. رغم انني اعتدت ان ادفع كل مرة عشرين الفا رسوم الحلاقة وعشرة آلاف لمن يقوم بقص الشعر.
‭{‬ وصاحب السمو الملكي الامير عبد الرحمن بن سعود ـ الله يرحمه ـ قبل ان اغادر باريس عائدا الى الخرطوم اخذني الى محلات الملابس وقام بشراء بدلة لي غالية الثمن كانت باللون الكحلي ومعها قميص احمر وكرافتة رائعة وساعة سفري صعدت الى غرفته حتى اقوم بوداعه فقال لي انه من غير المعقول ان ارتدي بدلة كحلية وحذاء بني .. وطلب مني ان افتح دولابه وآخذ منه حذاء اسود ففعلت وودعته واتجهت الى المطار .. وحذاء الامير هذا اخذه مني ابني بعد عودتي الى الخرطوم وإستعمله زمنا طويلا وفي احد الايام نظرت الى الحذاء فضحكت .. لان الحذاء قد تغير شكله تماما .. ولم تعد له اية صلة بسمو الامير .. واعتقد ان ذلك الحذاء كان من حقه ان يتقدم بشكوى ضدنا لاية جهة من الجهات.

Exit mobile version