قرأت خبراً في الكويتية بعنوان «مجهول تحسس طفلا».. ودفعني الخبر لكتابة هذه المقالة لخطورة الموضوع وأهميته في حياة أسرنا وعوائلنا..
يقول الخبر «أبلغت وافدة مصرية مخفر جليب الشيوخ بهتك عرض ابنها أسفل البناية التي تقطنها، وسجلت قضية هتك عرض، وروى مصدر أمني، أن وافدة مصرية أبلغت رجال الأمن، بأن ابنها (10 سنوات)، توجه أسفل البناية التي يسكن فيها مع ذويه في منطقة جليب الشيوخ، وفي طريق العودة شاهد شخصا مجهولا يتعقبه، ومن ثم قام بالتحسس عليه بأماكن حساسة، قبل أن يلوذ بالهروب لجهة غير معلومة، وسجلت قضية هتك عرض تحت رقم 73 / 2015 جنايات الجليب، وزودت المبلغة الأمنيين بأوصاف الجاني وجار البحث عنه لضبطه».. قد يبدو الخبر عاديا وإن كانت تفاصيله صادمة، لأنه يحدث يوميا في كل أرجاء الدنيا وليس في الكويت وحدها، ولكن الأكثر خطورة من هذا الخبر هو التحسس الإلكتروني، وحتى لا يلتبس الأمر على البعض ويظنون أنني أكتب عن التجسس الإلكتروني (بالجيم) أقول إنني أتحدث عن التحسس (بالحاء)..
فالمضطربون عقليا والمرضى النفسيين متواجدون بيننا دون أن نعرفهم، وقد يكونون من أقرب الناس إلينا من الأقارب أو الجيران، ولن نستطيع أن نحل أي مشكلة إن حاولنا إخفاءها أو عدم الاعتراف بها، وسفاح الأقارب موجود في مجتمعاتنا سواء اعترفنا أم لم نعترف بهذا الشيء، ولكن الأخطر من كل هذا هو التحسس الإلكتروني الذي يمكن أن يتسلل إلى بيت كل واحد منا، على الرغم من الرقابة الشديدة التي قد نفرضها على أبنائنا وبناتنا، فأنا شخصيا أب لطفل في الثانية عشرة من عمره، وبنت في السادسة، وأحاول جاهدا التعرف على كل أصدقاء أولادي وأهاليهم، ولكنني حتما لن أستطيع مراقبة كل شيء، وأول هذه الأشياء الإنترنت، التي بات حتى الأطفال يستخدمونها بشكل مكثف، وليس بالضرورة ما أتحدث عنه هو المواقع التي يمكن حجبها أو التحذير منها، إذ لاحظت أخيرا أن ابني يتحدث بصوت عال في غرفته رغم أنه وحيد فيها، وعندما سألته مع من يتحدث أجابني أصدقاء له يلعبون البلي ستيشن 4 والإكس بوكس، وهي ألعاب يمكن للأصدقاء أن يلعبوها وكل واحد في بيته، لا بل يمكن أن يشاهدوا بعضهم بعضا، وهنا حذرت ابني من عدم اللعب مع غير من يعرفهم من أصدقاء المدرسة، خاصة بوجود آلاف من المتخفين بأسماء وهمية يدخلون الغرف المخصصة لهذه الألعاب من أجل غايات (حقيرة)، وأقول حقيرة رغم كرهي الشديد لهذه الكلمة، لأنني لا أتحدث عن علاقة ناضج بناضجة أو ناضج بناضج، بل عن محاولة اللعب من قبل ناضج بعقل قاصر، وهي أخطر أنواع الجرائم التي يمكن أن تحدث حتى في أكثر الأماكن قداسة، كما حصل قبل بضع سنوات في دبي، حين تم اغتصاب طفل في حمامات المسجد وصبيحة يوم عيد الأضحى..
الموضوع أخطر جدا مما نتصور، وهو مدمر لمستقبل الأطفال، وبالتالي مستقبل عوائلهم، وما نراه من محاولات اللعب بعقول الشباب وتحويلهم لإرهابيين، وقدرتهم الكبيرة على التأثير في العقول هو جرس إنذار لنا جميعا كي نراقب أبناءنا، ليس لخنق حريتهم بل للحفاظ عليهم، ومن دون ضغوطات كبيرة عليهم، لأن كل ممنوع مرغوب، بل بمحاولة التواصل معهم، وإفهامهم بالحسنى أننا نفعل ذلك بمعرفتهم وموافقتهم، والأهم بفهمهم لما نقوم به من أجلنا ومن أجلهم.