أكثر قليلاً من أسبوعين وتنتهي الحملة الانتخابية.. ويبدأ الاقتراع.. وغالبية الناس– مثلي- لم يتشرفوا حتى مجرد معرفة أسماء المرشحين في دوائرهم الجغرافية.. ولا أثر في الشوارع ولا الصحف ولا وسائط الإعلام الأخرى بما فيها المجانية مثل وسائط التواصل الاجتماعي.. لا أثر لأية دعاية انتخابية؛ لتعريف الناخبين ببرامج المرشحين المتنافسين.
أدرك- تماماً- أن الحزب الحاكم غير معني بهذا الصمت (الصارخ).. وخطابه السياسي يعمل بمبدأ (إن طارت.. برضو غنماية).. وسيكتمل مسلسل الانتخابات بإعلان النتائج (المدعومة)..
ويفرح نواب البرلمان الجدد بمقاعدهم.. وتبدأ دورة برلمانية.. ثم تعيّن حكومة يفرح بها- أيضاً- الوزراء أصحاب الحظ السعيد الذين يدخلون إلى الوزارة.. ثم ماذا بعد هذا؟، الأمر لن يعدو كونه (فاصل ونواصل)..
الخاسر الأول والأخير من هذه التراجيديا هو الحكومة- نفسها- وحزب المؤتمر الوطني- شخصياً- صاحب العلامة التجارية رمز الشجرة..
الانتخابات تحولت إلى وضع أقرب إلى (عصيان انتخابي).. بيد المؤتمر الوطني لا بيد عمرو.. الطريقة التي أخرج بها الأوضاع السياسية، وأدار بها يومياته، حتى وصل إلى يوم الاقتراع.. كلها ما كانت لتؤدي إلى غير ما هو حاصل الآن..
المؤتمر الوطني مقتنع تماماً أن المعارضة ليس في إمكانها فعل شيء، ليس لضعفها- فحسب- بل لأنها ممزقة بين لافتات عدة.. بعضها ينتظر قطار الحوار الوطني الشامل ليتحرك من محطته التي تعطل فيها.. وبعضها دفعه اليأس والإحباط للنضال من الخارج.. وآخرون أثروا الصمت الرزين في انتظار قدر ما.. في يوم ما.. يدفع لهم السفينة في الاتجاه الذي يرجونه..
وصحيح أن المؤتمر الوطني حتى اللحظة هو الفاعل الأصيل.. ويملك كل أوراق اللعب.. ويسيطر على مقاليد الحركة والسكون.. لكن الأصح- أيضاً- أن المؤتمر الوطني– من فرط قوته– صار (زعيم المعارضة) ما يفعله ضد نفسه أكبر من أن تفعله المعارضة ضده.. (أدب السلحخانة) الذي يفيض به خطابه السياسي.. وحالة التنافس الحادة بين قيادات الحزب في تسخيل أقصى ما هو متاح من (عنف لفظي)، وكأنما هي معركة تأهيل للفترة المقبلة.. الطامعون في الاستوزار أو مواصلة الاستوزار يقدمون قرابين العنف اللفظي؛ لعلمهم أن المرحلة ما باتت تسجل نقاطاً إلا لمن يملك الكلمة الأنكى.
هذا المشهد السياسي سيدفع ثمنه المؤتمر الوطني.. لأنها سنة الله في الأرض.. من يزرع الشوك.. لن يجني إلا الشوك..