:: ومن ذكاء لصوص الفرنجة، يحكى أن أحدهم اصطحب رفيقه ودخلاً منزلاً بغرض السرقة.. وبعد بحث وجدا خزينة المال وتم تفريغ ما فيها من أموال..ولكن، أمر اللص رفيقه بأن يضع الأموال على طاولة، فوضعها..ثم أمره بأن يفتح الثلاجة ويحضر مشروباً وثلاثة كؤوس، فاستجاب للأمر.. ثم أمره بأن يشغل جهاز التسجيل بحيث يصدر صخباً موسيقياً، فامتثل للأمر..ثم أمره بالجلوس على الطاولة، ليلعب معه الورق لحين وصول صاحب المنزل، فجلس الرفيق متوجساً وحائراَ ..وأثناء اللعب، دخل عليهما صاحب المنزل شاهراً سلاحه..لم يكترث اللص، بل واصل اللعب مع رفيقه وكأنه بمنزله..!!
:: فاتصل ذاك بالشرطة، وجاء الشرطي..خاطبه صاحب المنزل : ( وجدتهما بمنزلي، وقد أفرغا خزينتي بغرض السرقة، و..)..قاطعه اللص : ( لا، لم ندخل للسرقة، لقد دعانا هذا الرجل لنلعب الورق، وخسر اللعبة، ويرفض تسليمنا المبالغ التي كسبناها)..نظر الشرطي الى الطاولة وما عليها من ورق وأموال وخمر و كؤوس، وكذلك حدق في جهاز التسجيل وإستمع لموسيقاه الصاخب..فالمناخ مناخ ميسر وليس سرقة، أوهكذا قدّر الموقف.. ولذلك، غضب وكاد أن يغادر بعد أن هدد صاحب المنزل بتوجيه تهمة إزعاج السلطات في حال تكرار البلاغ الكاذب..ولكن، استوقفه اللص : ( مهلا سيدي، سوف يقتلنا هذا الرجل أو يحرمنا مالنا لو غادرت، نطلب حمايتك) فخرجا – بمال المسروق – في حماية الشرطة والقانون..!!
:: ويبدو أن بعض اللصوص بولاية الجزيرة بذات ذكاء لصوص الفرنجة، إذ شرعوا في تنفيذ فكرة سرقة المال العام تحت سمع وبصر القانون، بل بحمايته أيضاً..فلنقرأ الإعلان التحذيري الصادر عن وزارة المالية بولاية الجزيرة، فالإعلان المنشور بصحف الخميس الفائت يُشير إلى فقدان وزارة المالية لبعض دفاتر الإيصالات المالية ( أورنيك 15)، وتنبه المواطنين إلى عدم إستلام الإيصالات الصادرة من هذه الدفاتر المفقودة، ثم يهدد الإعلان من يتعامل بايصالات هذه الدفاتر المفقودة بالمساءلة القانونية.. ومن تحذير الإعلان يعرف القارئ بأن هذه الدفاتر (مسروقة)، وليست مفقودة، أو كما وصفتها الوزارة ربما من باب ( الحياء)..!!
:: وبالإعلان الأرقام المتسلسلة للإيصالات المسماة بالمفقودة، وكل رقم متسلسل يتكون من (7 أرقام)..وحسب التحذير، فالمواطن مطالب بحفظ هذه الأرقام المتسلسلة في ذاكرته أو الإحتفاظ بالإعلان ثم التحديق في أرقامه المتسلسلة عند أي تعامل مالي مع أي جهة حكومية حتى لا يُعرض نفسه للمساءلة القانونية أو حتى لا يدفع لإيصال مسروق ثم يدفع لإيصال غير مسروق..تأملوا هذا الموقف، يطرق بابك – على سبيل المثال – موظف العوائد، فتسلمه المبلغ المطلوب ويسلمك الإيصال، ولكنك لا تعلم إن كان هذا الإيصال هو ( المطلوب أم المسروق)..ولتعلم عليك مراجعة الرقم المتسلسل للإيصال ثم مطابقته بأرقام (الإعلان التحذيري)..!!
:: المهم..قبل تحذير المواطن، كان على مدير عام وزارة المالية – وهو الموقع على الإعلان التحذيري – أن يغادر موقعه هذا سريعا، وذلك لعجزه عن حماية مستندات مالية – بهذه الأهمية – من اللصوص.. فالعاجز عن حماية مستند مالي لن يكون حريصاً على حماية المال، أوبهذا الإحساس كان عليه أن يترك منصبه للأجدر بدلا عن تحذير الناس ومطالبتهم بحفظ الأرقام المتسلسلة للإيصالات المسروقة.. هذا ثم على الوحدات الحكومية – ولائية كانت أو مركزية – تطوير ذاتها بحيث تحل التكنلوجيا وحاسوبها محل ( الدفتر والإيصال) ..إرتقوا، فالشعوب من حولنا تدفع ما عليها من رسوم وضرائب بواسطة الهاتف السيار، ولكن الحال البائس هنا في محطة ( عندنا إيصالات مسروقة)..!!