تنتهي اليوم (الثلاثاء) المهلة التي حددها مجلس الصحوة الثوري بدارفور بزعامة (موسى هلال) نهاية فبراير الماضي. وطالب فيها الحكومة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال اللقاءات التي تمت مؤخراً بين القيادات السياسة والعسكرية بالحكومة ورئيس المجلس. ويعقد مجلس الصحوة اليوم اجتماعاً حاسماً بمحلية كبكابية للنظر في ما يمكن اتخاذه عقب نهاية المهلة التي تجاهلتها الحكومة في الخرطوم. وكان قيادات بالمجلس أكدت أن كل الخيارات مفتوحة حيال التعامل مع الموقف، سواء الاستقالة أو فك الارتباط مع حزب المؤتمر الوطني.
مجلس الصحوة الذي أسس قبل مؤخراً كجسم معارض للحكومة وموالٍ في الوقت ذاته للوطني قام في الفترة الماضية بعدة تحركات في إقليم دارفور منها المصالحات القبيلة واحتواء النزاع في منطقة جبل عامر حيث النشاط الأهلي في التعدين عن الذهب. وظل رئيس المجلس “موسى هلال” زعيم قبيلة المحاميد متمسكاً بمطالبه التي طالما رددها كثيراً، وتضمنت إقالة والى شمال دارفور “عثمان محمد يوسف كبر” وإجراء إصلاحات على مستوى الإقيلم والمركز دون أن يحدد ماهيتها.
وكان زعيم قبيلة المحاميد “هلال” غادر الخرطوم إلى دارفور معترضاً على بعض السياسات، مطلقاً دعوة للإصلاح، ولم يتخذ الحزب الحاكم أي إجراء ضده، كما لم يجرده من مناصبه الدستورية التي يشغلها مستشاراً في وزارة الحكم المحلي، ونائباً بالبرلمان. ولم يرد اسم “هلال” ضمن مرشحي المؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة.
ويبدو أن مطالبات “هلال” جاءت مباغتة للوطني حيث يحسب الرجل من القيادات ذات الوزن الكبير في دارفور غير التأييد القبلي القاطع الذي يتمتع به بوصفه قيادياً أهلياً في وسط القبائل العربية فضلاً عن دوره في تحقيق الاستقرار والأمن في بعض خلاء دارفور لاسيما في حالات تصديه للتمرد، لكن ظهر الرجل يقود نشاطاً مضاداً منذ أن اعتكف في دارفور تاركاً مكتبه خالياً في مجلس الحكم اللامركزي حيث يشغل فيه منصب المستشار.
ومنذ أن اعتكف “موسى هلال” بدارفور ظل معارضاً لسياسيات الحكومة رغم نفيه القاطع تمرده على الحكومة متخذاً من أدوات التهديد والوعيد كتكتيك لتنفيذ مطالبه. بينما قابلت الحكومة ذلك بغض الطرف عن ما يجرى حولها وعن ما يصدر منه، غير الزيارة التي قام بها مساعد رئيس الجمهورية بروفيسور “غندور” إلى الجنينة حيث التقى به وخرج اللقاء بتفاهمات قال مجلس الصحوة إنها لم تنفذ بعد، وهذا ما دفعه إلى إعلان مهلة أسبوعين انتهت عملياً اليوم من دون أن يصدر من الخرطوم أي رد ويبحث المجلس في اجتماعه اليوم تأجيل القرار والانتظار إلى بعد نهاية الانتخابات.
على أرض الواقع يسيطر مجلس الصحوة الثوري على ثلاث محليات ويقوم الرجل بتحركات في مساحة واسعة من دارفور شملت عدة ولايات آخرها زيارته إلى مدينة مليط حيث التقى بالمواطنين في لقاء حاشد.
وحول نهاية المهلة أكد مستشار “موسى هلال” القيادي بالمجلس “هارون مديخير” أن هنالك وفوداً من قيادات المجلس من ولايات دارفور في طريقها إلى مكان عقد اجتماع يقرر فيه ما يمكن اتخاذه عقب نهاية المهلة الناس، لكنه أشار إلى تدخلات من بعض الجهات دعت إلى ضرورة إتاحة مزيد من الفرصة حتى يتسنى للطرفين الوصول إلى تسوية لطي الخلاف مع الحكومة في الخرطوم. وقال لـ(المجهر) إن بعض قيادات المجلس طالبوا بعدم إعلان الاستقالة من الحزب المؤتمر الوطني وعدم الاستعجال نحو الخطوة. وأضاف: (من بعض الجهات إلى دعت إلى التريث هيئة شئون الرزيقات وأساتذة جامعات موالون للمجلس قدموا مقترحات).
ويقول “مديخير” إن بعض الذين ينادون بعدم التعجل في إعلان موقف في التعامل مع الحكومة يرون أن أي خطوة يمكن أن يكون لها إفرازات على مستوى المنطقة وستكون لها أبعاد أمنية واجتماعية. وزاد قائلا (نتمنى إيجاد حل، خاصة بعد لقاءاتنا مع وفد الحكومة في أم جرس والجنينة توطئة إلى الوصول إلى علاج لكن للأسف كل ذلك أصبح مجرد حبر على ورق “وكلام الرجال بقى ما عنده قيمة”). وقال “هارون مديخير: (نحن نحذر المركز أن يفهموا ويسارعوا في الحلول).
مؤكداً أن إعطاء المهلة ليست حماقة، وقال :(نحن ما زلنا متمسكون بالالتزام بالكثير من قرارات المؤتمر الوطني وكل ما يحدث أن هنالك تقارير خاطئة تصل للحكومة سماعية وغير ملتقطة من مصادرها الحقيقية مما كان لها الأثر في علاقة الشيخ “موسى هلال” بالحكومة).
مجلس الصحوة كشف أن هنالك بعض الجهات تريد الوقيعة بين قائدها والحكومة وقال المستشار “مديخير” إن هؤلاء نقلوا أن “موسى هلال” وجه إساءات لقيادات بالدولة في زيارته مليط مؤخراً. وأكد أن هذا ما لم يحدث أبدا لأن الشيخ “هلال” ما زال من ضمن الدولة. و”مديخير” يشير إلى أنه يوجد تيار يرى أن ذهاب شيخ “موسى” إلى الخرطوم يدعم الرئيس “البشير” سياسياً وعسكرياً لذلك يسعون لإجهاض أي تقارب ويروجون بأن زعيم قبيلة المحاميد ليست له إمكانات ليدعم بها الحكومة رغم ما قدمه من جهود لا ينكرها إلا مكابر، حيث تمكن من كسر شوكة التمرد في دارفور.
وفى اللقاء المفاجئ الذي عقده مساعد رئيس الجمهورية بروفيسور “إبراهيم غندور”، يناير الماضي بالجنينة مع “موسى هلال” أعلنت فيه الحكومة عن التوصُّل إلى نقاط اتفاق مشتركة مع زعيم قبيلة المحاميد “موسى هلال”، المستشار بديوان الحكم الاتحادي، ستسفر عن خير لأهل السودان وإقليم دارفور قريباً لكن مضى على ذلك اللقاء حوالى شهرين دون أن يسفر عن نتائج واضحة.
مستشار “موسى هلال” دعا إلى الالتفات إلى ما تشهده دول سوريا واليمن وليبيا، منوها إلى أنه (ينبغي على الحكومة حل كل المشاكل قبل أن تخرج البلاد عن يدها، لأن هناك جهات مصلحتها أن نختلف ونتحارب ومثل ما أشعلوا الحرب في اليمن وسوريا يريدون أن يشعلوها في السودان).
لافتاً إلى أن إمهال الحكومة ليس تهديداً بقدر ما أن الاتفاق مع شيخ “موسى” يمثل خطاً جديداً للسلام في دارفور ويمهد الاتصالات مع الحركات، معتبراً الخلاف بين الأطراف يأتي في صالح الجبهة الثورية ويريدون لنا (كيدهم في نحرهم).
ما يمكن أن نتنبأ به تحسمه الساعات القادمة حيث يصدر المجلس بياناً يوضح في خطواته المقبلة والتي استبعد فيها تمرده وفك ارتباطه بالوطني أو ربما تأجيل البت في موقفه إلى حين عقد ملتقى المجلس في الجنينية في العشرين من الشهر الجاري.
المجهر السياسي