وتدور الدائرة على اللواء السفاح محمد إبراهيم وزير داخلية الرئيس المصري المشير السيسي، وتُطوى صفحة بشعة من صفحات حياته المترعة بالدماء والأشلاء ولا يزال الحبل على الجرار ذلك أني أكاد أجزم أن في كنانة القدر بقية من سهام ستنال ذلك الخائن الذي باع آخرته بدنيا غيره، وأراق من دماء الآلاف من خيرة شباب مصر وشيوخها ما لطخ به أرض مصر بالخزي والعار في ميدان رابعة وغيره وارتكب من المجازر مما لا أظن أن التاريخ شهد مثيلاً له منذ قصة أصحاب الأخدود الذين أحرقهم ذونواس الحميري في اليمن مما ورد ذكره في سورة البروج.
ها هو اللواء محمد إبراهيم يفقد منصبه الذي عينه فيه أول مرة الرئيس المنتخب محمد مرسي، فإذا به يغدر بمن نصبه وزيراً للداخلية ويمكر بمن وثق به ويزج به في السجن مع آلاف الأطهار، لكن هل يخلف الله وعده وهل يحيق المكر السيء إلا بأهله؟!.
اسأل الله أن نعيش حتى نشهد ما تنجلي عنه معركة الحق والباطل بين السيسي والرئيس المنتخب محمد مرسي، فنحن نوقن بقول الله تعالى (وما كان ربك نسياً) وقوله سبحانه (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ).
حين أعدم عبد الناصر الشهيد سيد قطب ورفاقه كنت مستيقناً أن الله العزيز سيذل قاتله في الدنيا قبل الآخرة فكانت هزيمة حزيران 1967 بعد أشهر من استشهاد صاحب تفسير (في ظلال القرآن)، ومن عجب أن مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في الخرطوم يوم 29/8/1967م ليناقش كيفية التعامل مع تلك الهزيمة الساحقة الماحقة التأم في نفس اليوم الذي أعدم فيه سيد قطب في العام السابق!.
غضبنا وحزنا لتلك الهزيمة وكنا والله نتابع صوت أحمد سعيد بوق عبد الناصر يبشرنا كذباً بالنصر على إسرائيل من إذاعة (صوت العرب) من القاهرة إلى أن تكشفت الحقيقة فمن كانوا يسهرون حتى ساعات الصباح الأولى في أحضان الراقصات عشية الهزيمة ما كانوا جديرين بالنصر وهم يذبحون الربانيين من العلماء والدعاة.
المشهد القديم نفسه يتكرر كل حين، فقد قتل الحجاج بن يوسف خلقاً كثيراً من بينهم الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير ابن ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر ثم قتل العالم الرباني سعيد بن جبير الذي دعا على الحجاج: (اللهم لا تسلطه على أحد بعدي)، فكان أن مات الحجاج بعد نحو أسبوعين من استشهاد سعيد بن جبير وكان يقول وهو في فراش الموت (مالي ولسعيد… مالي ولسعيد) إلى أن قبض.
انتظروا قليلاً لتروا ما يحيق بمن يصدر قضاؤه أحكاماً تجرم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتعتبرها منظمة إرهابية رغم أنها تذود عن الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. انتظروا لتروا ما يحل بمن يتحالف مع العدو الصهيوني ويعادي حماس.. انتظروا لتشهدوا ما يفعله الله بالخونة وهم يدنسون كنانة الله في أرضه ويحطون من قدرها.. انتظروا من يتآمرون بانقلابهم على الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي كنا نطمع في أن يعيد سيرة صلاح الدين الأيوبي ليحرر فلسطين والأقصى فإذا بحلفاء بني صهيون يخدعونه بالتعاون مع أعداء الإسلام ويزيحونه لكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
العجب العجاب أن ليبراليي السودان من بني علمان أيدوا انقلاب مصر رغم تشدقهم بالديمقراطية كما فعل علمانيو مصر، وانكشفوا وتعروا من ورقة التوت وتبين أن عداءهم للإسلام كنظام سياسي واقتصادي واجتماعي وأخلاقي وعداءهم للإسلاميين يعلو على إيمانهم بالديمقراطية التي يرفعونها كذباً ونفاقاً وما هم بمؤمنين بها إلا حين تحقق لهم ما يريدون من سلطة ومن مشروع علماني.
إن ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين يكشف لنا تناقض أصحاب المشروع العلماني وفي الوقت ذاته فإن أولئك العلمانيين يسقطون على الإسلاميين ما تنطوي عليه نفوسهم من تنكر للديمقراطية، فيتهمونهم بأنهم يتخذون الديمقراطية وسيلة للسلطة سرعان ما ينقضوا عليها ولا يتيحون للشعب بعد ذلك أن يختار من ينصبه حاكما عليه.
أقول لبني علمان: حنانيكم فقد والله أقام عليكم إسلاميو مصر وتونس الحجة ففي مصر أيدتم أو انقلبتم على من جاءت به الديمقراطية أما في تونس فقد تنازل إسلاميو حركة النهضة عن حكم نالوه عن طريق الانتخابات الديمقراطية فمن فيكم يفعل ما فعله إسلاميو تونس؟!
أقول لكل أعداء المشروع الإسلامي في السودان ممن يتخذون فشل من انتسبوا إلى ذلك المشروع في تنزيله على أرض الواقع أن الفشل ينبغي أن ينسب إلى من فشلوا لا إلى المشروع، فإن كان البعض قد شوهوا صورة الإسلام من خلال سلوك بائس وممارسة شائهة فإنهم يتحملون وزر ذلك السلوك، فهلا نظرتم إلى نماذج وضيئة أخرى لإسلاميين مثل أردوغان في تركيا حققوا لذلك المشروع مجداً وشرفاً وهم يسيرون بتدرج بصير وعقل مستنير واستقامة رشيدة متجهين نحو قبلة ربهم مصوبين البوصلة باتجاه شرعة سمحاء لا تضل ولا تخزى؟.