المتابع لحركة موسى هلال هذه الأيام يعرف أن هلال أصبح يدير نوعاً جديداً من اللعب السياسي الضاغط في المسرح الدارفوري الخاص بمناطق سيطرة الحكومة، بعد أن تمكن من بسط نفوذه في محليات كتم وكبكابية وسرف عمرة والسريف بني حسين وبوادي محلية الواحة ومستريحة التي ينحدر منها في ظل صمت الحكومة الاتحادية عن ما يفعله هلال في كل من محلية مليط ومناورته لمحلية الكومة وغيرها من المناطق الجديدة التي يعمل جاهداً لإضافتها إلى مناطق سطوته، لكن الأسئلة البديهية التي تطرح نفسها هي لماذا تغض الحكومة المركزية وحزب المؤتمر الوطني الطرف عن كل ممارسات موسى هلال في وقت نجد أنه تعامل بحسم وصرامة مع بعض عضويته في قضايا أقل حساسية من التي يتبناها هلال، ماذا يريد هلال من تمرده الناعم على حزبه والحكومة بمقاطعته ومنع الانتخابات في مناطق سيطرته.
الحكومة وموسى هلال
بحسب متابعة مراقبين ومهتمين للأوضاع في دارفور ماهو معلن من مطالب ومواقف وإجراءات فإن حقيقة الخلاف بين موسى هلال رئيس مجلس الصحوة الثوري تؤكد كل المؤشرات على أن الخلاف بين هلال وحزبه أكثر من سياسي، وماضٍ في تأزم ويحتاج إلى قدر من الوضوح والشفافية لتتم معالجته بشيء من الموضوعية قبل أن تتأزم الأوضاع في ولاية شمال دارفور. ويقول هارون مديخير خمجان الناطق الرسمي باسم تنظيم مجلس الصحوة لـ” التيار”: إن الأسباب التي جعلتهم يخرجوا موسى هلال قبل عامين ونيف ماتزال قائمة، وأن كل المسؤولين الذين دفعت بهم الحكومة لمفاوضتهم أكثر من سبعة وفود اتحادية رفيعة – آخرهم مساعد رئيس الجمهورية البروفيسور إبراهيم غندور- جلسوا معنا وبعد عودتهم للخرطوم صدوا عننا وأغلقوا حتى هواتفهم، وأوضح محدثي أن طرحوا وتناقشوا مع بروف غندور ثلاثة ملفات ملف سياسي يتعلق بمشاركتنا في الحكومة من المؤسسات الاتحادية والولايات والمحليات والوحدات الإدارية مع إجراء ترتيبات عاجلة للأوضاع السياسية بولاية شمال دارفور، والملف الثاني يتعلق بتوفيق وهيكلة قواتنا بشكل واضح في الأجهزة النظامية والملف الثالث وضع خطة واضحة المعالم لتنمية وتطوير مناطق الرحل ويكون التفاوض معنا في الخرطوم، وأوضح محدثي أن الشيخ أوضح لمساعد عدم رضائه عن المشاركة التي منحتها الحكومة الاتحادية لبعض الشخصيات من دارفور في المركز، أشار محدثي إلى أن صبرهم بدأ ينفد بعد مرور ثلاثة أشهر الأمر الذي جعلهم يحددون العاشر من مارس آخر يوم لإعلان الترتيبات الأخيرة، وإذا لم يتم إحراز تقدم فإن العملية الانتخابية لن تقوم في مناطق سيطرتنا.
معالجات على وشك
وعلى الرغم من التصعيد الإعلامي والأرضي المتمثل في الزيارات الماكوكية التي سجلها إلى محلية مليط، إلا أن حكومة الولاية ترى أن كل الذي يقوم به هلال ليس في مصلحة دارفور وولاية شمال دارفور، ويرى آدم نحلة نائب والي شمال دارفور في حديثه لـ(التيار) عبر الهاتف أن مابين هلال والحكومة والمركز مقدور عليه، وأن هناك جهوداً من جهات عدة من أبناء دارفور الآن على وشك أن تطوي الخلافات حول وجهات النظر بين هلال والحكومة الاتحادية ومن ثم إزالة كل التوترات، ورجح نائب الوالي أن الخلاف بين الأطراف الثلاثة هو خلاف تنظيمي من رئاسة الحزب بالمركز، وكان يمكن حسمه في أول وهلة دون أن يتطاول عليه الزمن وتتشعب المشكلة، ولكن الآن نحن على ثقة من رأب الصدع بين كل هذه الأطراف والعودة بهلال ومن معه إلى موقعهم الطبيعي أبناءً لدارفور ملتزمون بأطروحات الحزب.
الكيل بمكيالين
ولكن ما يعاب على الحكومة الاتحادية وحزب المؤتمر أن ظلا يتعاملان مع موسى هلال والآخرين من أعضاء حزبه بشكل أقرب إلى سياسة “الكيل بمكيالين “. ويقول محدثي المهندس والناشط السياسي وعضو البرلمان القومي عن دائرة محلية تلس بولاية جنوب دارفور، ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين أضحت واضحة في التعامل، ففي وقت تم التعامل مع كل من دكتور غازي صلاح الدين العتباني زعيم جماعة الإصلاح الآن، ودكتور فضل الله وحسن رزق ودكتور فرح عقار بحسم وجدية وتم فصل جميعهم من الحزب بمجرد تكوين لجان في عهد دكتور نافع علي نافع، إلا أن طريقة التعامل مع موسى هلال الذي تغيَّب لسنتين ونصف عن المجلس الوطني واستشارية المجلس الأعلى للحكم اللامركزي، وهذا يؤكد أن العزل يسهل فصلهم في وقت يتم التعامل باستحياء مع الهلال، وهذا النوع من التعامل شيء يوضح أن امكانية التخلص من هلال صعب بالنسبة لقيادة الحزب والدولة، الأمر الذي يؤكد ويفرض على قيادة الحكومة الاستجابة إلى مطالبه، وأوضح محدثي أن التساهل وطول المدة جعل هلال يحث بأنه يتحدث باسم القبائل العربية في دارفور ويتوافد عليه كثير من الذين خرجوا من الحركات والأحزاب وبإطالة عمر المشكلة تدخل البلد في مشكلة الأمر الذي يحتم التعامل بجدية معه لحسم الخلاف الواقع الآن.
التيار