ماذا يحدث في قنصلياتنا

لا تملك إلا أن تذرف الدموع وتلطم الخدود وتشق “الجيوب” وأنت تقرأ حكاية مؤثرة جدا أبطالها طاقم قنصلية السودان بمدينة جدة.. تقول الحكاية إن أحد المقيمين السودانيين قد أتى بأسرته من خارج المدينة يطلب خدمة مشروعة تتعلق باستخراج الرقم الوطني وتجديد الجوازات.. ولم تكن للرجل خطيئة سوى أنه أبدى بعض الملاحظات على حالة التكدس المزرية التي تحتدم داخل صالات القنصلية.. وحتى لو بلغت ملاحظاته مرحلة الاحتجاجات يفترض ألا يصل الأمر مرحلة الإيذاء المعنوي والجسدي الذي تعرض له صاحب الخدمة الذي ذهبت بقصته الركبان الإلكترونية و.. و..

* لقد نمت ليلتها قلقا على وقع هذه الحالة المرعبة، غير أني قد استيقظت متعشما ومتفائلا على إثر خروج إحدى صحفنا بخط كبير يقول “إن السلطات السودانية تشكل لجنة تقصٍّ في حالة ادعاء تعذيب مواطن مغترب بقتصلية جدة”.. وإن كان يقع على الصحافة كسلطة رابعة متابعة هذا الملف حتى ترى نتائجه النور ويرى أبطاله الجزاء الأوفى إذا ما ثبت ذلك الادعاء.. ومن جانبي اتصلت ببعض الإخوة المغتربين ممن أثق بوطنيتهم وصدقيتهم.. فقالوا.. من سياق الوقائع والممارسة داخل السفارة والقنصليات أن هذا الأمر غير مستغرب ويمكن أن يحدث.. قال أحد الإخوان من المنطقة الشرقية أن قنصلية جدة قد أرسلت لهم وفدا من طاقمها لانجاز خدمات الرقم الوطني.. إلا أن سرعان ما نشب خلاف بين ضابط الشرطة وأحد المواطنين بخصوص الازدحام، مما جعل البعثة تستدعي دورية الشرطة ومن ثم أُخذ الرجل بصورة غير كريمة!!

ومن الرياض قال أحد المغتربين إن العمل قد توقف ذات مرة لنفاد الأرانيك المطبوعة، مما جعلني – يقول الرجل – لتصوير باكتات من تلقاء نفسي لإنقاذ الموقف.. ويشتكي الإخوة المغتربون في السفارة الأم بالرياض من انعدام أبسط الخدمات مثل الماء والظل والحمامات و(الوجه الطلق).

* يذكر أن سفيرنا في المملكة العربية السعودية يعد عميدا للدبلوماسيين العرب.. ولعمري ليست هذه ميزة تفضيلية على أساس الأداء الدبلوماسي والكفاءة المهجرية.. بقدر ما تكتسب بالمكوث لفترة هي الأطول من بين منظومة السفراء الآخرين في المملكة.. وهل كانت صدفة أن يشتكي منذ نحو أيام الأستاذ الوزير كرتي من (أزمة كوادر دبلوماسية) في وزارة الخارجية السودانية!!

غير أن الذي لا تنتطح عليه عنزان هو أن الرياض تعد أكبر محطة خارجية من حيث عدد الرعايا والضحايا المغتربين.. بحيث يقول أحد التقارير إنهم فوق المليون مغترب.. وهذه لعمري ثروة عظيمة وقوة ضاربة إذا أحسن تنظيمها وترتيبها.. أنا لا أتحدث عن ضريبة وأتاوات بقدر ما أتحدث عن ثروات ومدخرات يمكن أن تساهم في مشروعات بناء الوطن، فضلا عن أنهم مواطنون يستحقون الرعاية والخدمة الأوفق.. لكن قل لي بربك.. كيف يحدث هذا الطموح وواجهاتنا وقنصلياتنا تتعامل بـ (الشلوت) كما تقول رسالة الرجل موضوع المقال والتحقيق!!

سيدي وزير الخارجية الأستاذ المجاهد علي كرتي بدا لي أنك تحتاج إلى ما يشبه الثورة.. على الأقل.. في سفارتنا لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين.. وإن لم تنهض هذه الثورة من أجل التغيير.. فلتكن من أجل مواكبة الثورة العظيمة التي تفجرت مع وصول الملك سلمان إلى عرش المملكة.. وللحديث بقية.

Exit mobile version