أخيرا وجدت جائزة عملاق الاتصالات السوداني محمد إبراهيم الشهر بـ (مو) من يستحقها بعد حجبها لعدة سنوات لعدم إيفاء شروط استحقاقها من قبل الزعماء الأفارقة، وفاز رئيس ناميبيا المنتهية ولايته هيفيكبوني بوهامبا بجائزة أفريقيا للحكم الرشيد المقدمة من مؤسسة محمد إبراهيم وقيمتها خمسة ملايين دولار، التي منحت ثلاث مرات فقط خلال الأعوام الثمانية الماضية، فمنذ تأسيسها في العام 2007 لم يفز بها سوى ثلاثة رؤساء سابقين من الرأس الأخضر وموزامبيق وبوتسوانا. وفي أعوام أخرى لم تنطبق معايير الجائزة على أي شخص، وتلك كانت من النقاط السوداء ومن علامات التراجع المخزي للقادة الأفارقة عن التزام نهج الحكم الرشيد، والشروط التي لم ينجح أحد في الإيفاء بها خلال الأعوام الماضية لم تكن مستحيلة أو فوق طاقة البشر، بل الامتحان كان سهلا، ويمكن لأي رئيس اجتيازه، فقط أن يكون المرشح للفوز بالجائزة منتخب ديمقراطيا وترك منصبه خلال الأعوام الثلاثة، ولم يستمر في المنصب لأكثر من مدته القانونية المحددة.
ومع سهولة الامتحان لم يفز أحد لعدة سنوات، وبالتالي فوز الرئيس الناميبي المنتهية ولايته بوهامبا يُعدُّ فتحا جديدا وحافزا لإمكانية أن تتجذر تجربة الحكم الرشيد في التربة الأفريقية التي مع تراجع الانقلابات العسكرية والانتقال القسري للسلطة وظهور الرؤساء المنتخبين ديمقراطيا، ولكن أغلبهم يسعى إلى التشبث بالسلطة لأطول فترة ممكنة متجاوزا فترته أو ولايته القانونية المحددة الآجال، ويسعى إلى تعديلات دستورية تتيح له البقاء في السلطة لأطول فترة دون التقييد بعدد من السنوات أو حتى الولايات.
الجائزة التي تشجع الرؤساء الأفارقة على الحكم الرشيد تضمن له تقاعد آمن ماليا دون الحاجة إلى الفساد المالي لتأمين مستقبله وأبنائه بعد التعاقد، حيث يتلقى الفائز بالجائزة خمسة ملايين دولار تقدم له على مدى عشر سنوات، وبعد ذلك يتلقى 200 ألف دولار سنويا مدى الحياة.
وفي إعلانها لاسم الفائز في نيروبي أشادت مؤسسة محمد إبراهيم بالتزام حكم بوهامبا بالقانون واحترامه للدستور، وكذلك ترويجه للمساواة بين الجنسين. وانتخب بوهامبا (79 عاما) رئيسا لأول مرة في 2005، ومن المقرر أن يغادر منصبه هذا الشهر. واعتبر مراقبون الانتخابات التي أجريت في عهده بأنها حرة ونزيهة.
إذن إجراء الانتخابات حتى وإن كانت حرة ونزيهة وشفافة وحدها لا تكفي لإرساء دعائم الحكم الرشيد في أفريقيا الذي يحتاج إلى سنوات عدة من أجل ترسيخ هذا المبدأ، وجائزة مؤسسة محمد إبراهيم واحدة من المحفزات لحمل الزعماء الأفارقة إلى الالتزام بهذه النهج الرشيد الذي يتناسب مع القارة الأفريقية التي تحتاج الحكم الرشيد لتنمية مواردها وتطوير قدرات أبنائها للنهوض بها اقتصاديا وسياسيا.