كان رجال المراسم في الأمم المتحدة قد شرعوا في إجلاس الرؤساء والملوك المشاركين في اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك.. في هذه اللحظة رفض الرئيس التركي أنْ يجلس على مقربة من الرئيس المصري المشير السيسي.. بل كان أوردغان واضحاً في موقفه السياسي “جلوسي هنا يمنح هذا الرجل شرعية”.. تكرر ذات الموقف أمس الأحد حينما تزامنت زيارة الرئيس التركي مع نظيره المصري إلى المملكة العربية السعودية.. الرئيس أوردغان أكَّد أنّه لن يلتقي الرئيس المصري في الرياض.. عاد المشير السيسي إلى مصر وبدأ أوردغان رحلته إلى السعودية بأداء شعائر العمرة.
يوم السبت الماضي أصدرت المحاكم المصرية حكماً بإعدام أربعة من قادة الأخوان بجانب المؤبد لمرشد الأخوان محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر.. تأتي هذه الأحكام القاسية امتداداً لأخرى قضت بإلحاق الإعدام والسجن المؤبد لنحو (٦٨٣) من قادة الحكم المنتخب في مصر.. تزامن مع هذه الأحكام حكمٌ من محكمة أخرى يصنف حركة حماس كجماعة إرهابية.
من ناحية قريبة تمّ الإفراج عن نجلي الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد براءتهما من كافة التهم الموجهة لهما..الإفراج عن الرئيس مبارك بات مسألة وقت.. كل التهم الموجه ضد الإسلاميين كانت عن فترهم في حكم مصر التي لم تتجاوز العام الواحد.. كما لم يحاكم أي مسئول عن أحداث ميدان رابعة العدوية التي قُتل فيها آلاف المدنيين المعارضين للانقلاب.
حكومتنا تعاملت بسياسة غضَّ الطرف عما يحدث في مصر باعتباره شأناً داخلياً .. بل تجاوزت الصمت حينما هاجمت التنظيم العالمي للأخوان المسلمين.. حتى الجماعات الإسلامية التي صنعت الثورة في ليبيا أدارت الحكومة لها ظهرها وأيدت الجنرال حفتر الذي يمثل وجها من النظام القديم في ليبيا تم إعادة تجميله في أمريكا.
لم نكن نطلب من حكومتنا سوي الصمت في مثل هذه المواقف.. فاقد الشيء لا يعطيه لهذا لا تستطيع الحكومة السودانية تصدير حزمة من المواعظ الحسنة تحت طائلة كيف تعامل الحكومات شعوبها.. ليس من الأخلاق أن تدير ظهرك لصديق وقت الضيق..أمّا التبرؤ من أي علاقة مع الإسلاميين وهم يواجهون هذا الابتلاء فلا يمكن تبريره.
دعوني أخذكم إلى موقف بعض الدول الغربية عن مجمل الأحكام القاسية ضد أنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي.. ففي أبريل الماضي أصدرت وزارة الخارجية السويدية بياناً تطالب بمحاكمات عادلة تجاه الإسلاميين.. وعلى ذات النحو مضت الخارجية الفرنسية.. أمّا البيت الأبيض الأمريكي فقد وصف تلك الأحكام بأنها عقوبات جماعية بحق جماعة الأخوأن في مصر..ألمانيا اتجهت لاستدعاء السفير المصري في برلين.
بصراحة.. لا أتوقع سوى الصمت من الدول العربية ومعظم الدول الاسلامية.. من يمارس ازدواجية المعايير في عالمنا هذا.