{ بعد الجزيرة والقضارف يتوجه اليوم الرئيس “عمر البشير” مرشح المؤتمر الوطني لولاية جنوب كردفان “جبال النوبة”، وغداً يتوجه الرئيس لولاية أخرى.. بعد أن اختارت القيادة العليا للحزب برنامجاً مرهقاً وصعباً في أجل محدود جداً، وللرئيس قدرة على التعبير عن حكومته كفاحاً دون إعداد لورقة مسبقة من المستشارين السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين. وخبرة الرئيس الطويلة في الحكم أهلته لمخاطبة مواطنيه وهو الأكثر قدرة على التعبير عن مواقف حكومته وحزبه، وتجد لغة “البشير” البسيطة رواجاً وسط العامة والخاصة ولما كان لكل منطقة خصائصها ومشاكلها وتطلعات مواطنيها ورغباتهم، فإن منطقة مثل جنوب كردفان التي يخاطبها الرئيس اليوم تتوق للسلام والطمأنينة في ظل تحدي الحرب الراهنة، حيث تعيش المنطقة منذ عودة الحرب الأخيرة أوضاعاً استثنائية، التمرد يسعى لوقف مشروعات التنمية وزعزعة الاستقرار في المدن.. وتهديد الطرق التي تربط المدن والقرى.. وبث الشائعات لإضعاف الروح المعنوية للمواطنين والقوات المسلحة وترصد أخطاء الحكومة وخطابات المسؤولين لزرع الشقاق بين المكونات السكانية للمنطقة، وقد روجت الحركة الشعبية كثيراً لوصف الرئيس “البشير” للحركة الشعبية (بالحشرة) ولأنهم يجيدون التحريف والتحريض فقد سوقوا في الأسافير بأن الرئيس وصف الجنوبيين بالحشرات.. وتلك من الافتراءات غير الأخلاقية للحركة الشعبية وأتباعها من الشيوعيين ومن شايعهم.
ماذا ينتظر الرئيس في “كادوقلي” اليوم؟ من واقع المتابعة والمعايشة لوطن نشأنا فيه ولا نطيق عيشاً في ظهر البسيطة بعيداً عن “كادوقلي” و”الدلنج” و”تلودي” و”أبو جبيهة”، فإن المواطنين هنا لا شأن لهم بصراعات الأحزاب في الخرطوم ولا باعتقال “أبو عيسى” واجتماعات المعارضة في “برلين”، ولا حملة (أرحل) وغيرها من شعارات المترفين في المدن والسياسيين الحالمين والطامعين في كراسي الحكم. ولكن المواطنين هنا في جنوب كردفان ينتظرون من الرئيس موقف الحكومة في السنوات الخمس القادمة وهي الولاية الجديدة للرئيس بشأن مستقبل الحرب في المنطقة؟! كيف تتوقف الحرب ومتى؟؟ وما هو دور المواطنين وقيادات المنطقة الفاعلة في التسوية القادمة؟؟ وكيف يتم إشراكهم كمواطنين وأصحاب حقوق أصيلة في الدفاع عن منطقتهم، ولماذا لا تدعم الدولة بسخاء المقاتلين في الميدان وتحفيزهم.. ورعاية أسر الشهداء والجرحى والمصابين وإعلاء شأن المجاهدين من قوات الدفاع الشعبي. ومخاطبة قضايا المواطنين حيث يعيشون ظروفاً مأساوية بسبب الترحيل وتهديد التمرد للطرق.. حتى كادت الحياة أن تستحيل مما يضطر الكثيرون النزوح إلى المدن أو اللجوء لدول الجوار وخاصة دولة الجنوب، وتشكل مشاغل حياة المواطنين في الولاية أولوية هامة ينتظرون من الرئيس أن يقول كلمته عنها.
لقد أنفقت الدولة خلال الفترة الانتقالية أموالاً لم تنفقها كل حكومات السودان المتعاقبة منذ الاستقلال وحتى عام 2005، وكتاب الإنقاذ في مشروعات ملعب كادوقلي والمستشفى المرجعي.. والميناء البري والطرق الداخلية والطرق بين المدن.. وشبكات المياه.. والطرق الترابية مما جعل الولاية تقفز من مؤخرة الولايات إلى صدارتها.. إلا أن الحرب قد (أوقفت) تلك المشروعات وجعلتها اليوم (أطلالاً) فأمسكت الحكومة المركزية دعمها عن إكمال تلك المشروعات فهل يسمع أهل جنوب كردفان اليوم ما يطمئنهم، بأن هذه المشروعات ستجد نصيبها من الاهتمام والتزاماً قاطعاً بإكمالها في السنوات الخمس القادمة؟؟
إن كثيراً ما يتردد في مجالس الولاية ووسط قياداتها أن الحكومة المركزية كثيراً ما تمسك يدها عن دعم أبناء الولاية الذين يتسنمون قيادة الحكم في ولايتهم؟؟ وقد بذل الأخ “آدم الفكي” الوالي الحالي جهداً كبيراً في تقديم شيء ولكن خذلته خزائنه الخاوية من المال.
يحاول بعض المغرضين ضرب علاقة الإنقاذ بالنوبة والإدعاء بأن الحرب موجهة للنوبة مع أن الإنقاذ هي أول حكومة في تاريخ السودان تضع واحداً من أبناء جنوب كردفان في منصب وزير التعليم العالي والصحة والتجارة الخارجية، ولكن التمرد يشيع أن الإنقاذ تحارب النوبة ومن المؤسف أن صوت أبناء المنطقة ضعيف وخافت.. أهلاً بالبشير في “كادوقلي” أرض البطولات والتضحيات.