اجتاحت العالم العربي موجة غباء خلال وقبل وبعد الربيع العربي، وكان شيخ الاغبياء هو رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي، الذي سلمه الامريكان كرسي الرئاسة، بأن وضعوا قوانين لعبة الحكم في بغداد، بحيث يكون من حق المالكي وحده تسديد ضربات الجزاء، وتسجيل الأهداف، وهي ضربات نتائجها شبه مضمونة، وقد يطيش بعضها ولكن معظمها يجد طريقه الى المرمى، وخلال الاسبوع الأخير من فبراير المنصرم أضاع عبقري الكرة ليونيل ميسي، ضربة جزاء، كانت لصالح فريقه برشلونة الاسباني، وأصيب باكتئاب، يعني حتى اللاعب الحاذق قد يضيع ضربة جزاء، ولكنه يحاسب نفسه ويحس بالتقصير وبأنه «فشّل» فريقه وجمهوره، بينما كان نوري المالكي لا ينظر الى المرمى ولا يأبه بالجمهور، بل أثبت أنه فلتة وكان يسجل الأهداف في مرماه، حتى خسر كل المباريات وانتهى به الأمر في دكة الاحتياطي، بعد ان تسبب في تأهل داعش في بطولة الدوري العراقي.
ثم ظهر الحوثيون في اليمن، وكانوا يشكون سنوات من أنهم مهمشون وأن مناطقهم لا تحظى باهتمام الدولة، وحملوا السلاح و«هيا الى الكفاح»، ثم هب الشعب اليمني وصمد حتى اطاح بديكتاتورية الشاويش (الرقيب) علي عبد الله صالح (قال تقرير صدر عن الامم المتحدة يوم الخميس 26 فبراير الماضي إنه اختلس من خزينة بلاده 60 بليون – بالباء – دولار.. يا مفتري، هذا المبلغ كان كفيلا بجعل اليمن قوة عظمى وليس «هيكلا عظميا» كما تركته).
المهم ما ان سقط صالح الطالح، وحدثت فجوة سياسية ودستورية، كما يحدث بعد كل ثورة وانتفاضة شعبية، حتى تحرك الحوثيون لملء الفجوة، ومع أنهم لم يشاركوا في الفعل الثوري الذي اسقط حكم طالح، فقد قرروا أن يستفردوا بما تبقى من كعكة اليمن، وقاموا بغزو عدد من اقاليم البلاد واحتلالها، ومن فرط غبائهم فقد تحالفوا مع الدكتاتور الذي رفضه الشعب في تلك الغزوة النزوة، وهكذا لم يكن مستغربا أن ترفضهم غالبية الشعب اليمني.
وبعد أن دخل الحوثيون صنعاء، اصدروا ما اسموه الإعلان الدستوري! كيف يصدر قرار يتعلق بالدستور ممن انقلبوا على الدستور؟ أليس من الغباء أن تحسب أقلية طائفية أنها قادرة على فرض أجندتها السياسية على الأغلبية بقوة السلاح، في بلد لم يعد فيه بيت يملك شيئا سوى السلاح؟ وبالتحالف مع لص غبي طرده الشعب.
ورفضته القوى الاقليمية ويحسب أنه قادر على التسلل الى قصر الرئاسة عبر شُبَّاك الحوثيين؟ ومهما كانت درجة غباء الحوثيين فإنهم قطعا ليسوا من البله بحيث يجهزوا الكرة لصالح في خط الجزاء ليسجل أهدافا لصالح نفسه الأمّارة بالتسلط.
وكما أن داعش – ومن حيث لا تدري- ساعدت أكراد العراق، في الاستحواذ على مناطق ظلوا يطالبون بضمها إلى إقليمهم، بعد فرار جيش المالكي المتألف من جنود فضائيين (وهميين، بلغ عددهم المائة ألف كانوا مسئولين في وزارة الدفاع يتقاضون رواتبهم)، فإن الحوتيين (بالتاء، لأن سلوكهم لا يختلف عن سلوك الحوت الذي قد يهشم زورقا من دون أن يدري أنه لو ابتلع جزءا من جسم الزورق، فإن في ذلك هلاكه) ساعدوا الحراك الجنوبي في المحافظات الجنوبية في تحقيق حلمه باسترداد جمهورية اليمن الجنوبي.
وهكذا زاد الحوتيون اليمن تعاسة، وكما داعش فإن أفعالهم ستكون وبالا عليهم على المدى البعيد، وسيجدون انفسهم مضطرين الى قبول أن يتمتعوا بدرجة من الحكم الذاتي في مناطق نفوذهم في شمال البلاد، ولكن بعد أن يهلك الزرع والضرع والعباد.
jafabbas19@gmail.com