:: ويُحكى أن أدروب لم يعجبه أن تجلب الشركات العمالة الأجنبية رغم توفر العمالة الوطنية، وكان يومياً يقصد منطقة العمل ويُحدق بحزن وغضب في العمالة الأجنبية المستخدمة في أعمال الحفريات..وهذا التردد اليومي لم يعجب المهندس المصري المقيم بأرض المشروع، وصاح فيه ذات يوم : ( إيه يا عم، في إيه؟، إنت ما شوفتش قبل كده خبرات أجنبية؟)، فرد أدروب ساخراً : ( والله خبرات أجنبية شوفنا لكن طُلبة أجنبية ما شوفنا)..!!
:: ويوم السبت، بالمنتدى الدوري لجمعية حماية المستهلك، عندما كانت الشبكة الوطنية الشبابية لمكافحة المخدرات تُنبه الناس إلى ما أسمتها بظاهرة زواج الطريق المتفشية في أوساط سائقي الشاحنات السفرية بين مدينتي عطبرة وبورتسودان، كان لسان حال بعض الحاضرين يهمس حائراً : (والله زواج المسيار شوفنا لكن زواج الطريق ما شوفنا)..ولهم الحق في أن يحتاروا، إذ هم يعرفون من أنوع الزواج غير المتفق عليها المسيار والمتعة والعُرفي، ولكن ما يُسمى بزواج الطريق ( ده حنك جديد)..!!
:: ورغم أن الشاحنات تجوب بالبضائع والأنعام كل أرجاء السودان شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، إلا أن تلك الشبكة إختارت فقط المسافة ما بين عطبرة وبورتسودان ك (غرفة نوم)، أي تتم على قارعته – طريق بورتسودان / عطبرة – مراسم وطقوس (زواج الطريق)..والغريب في الأمر، أن هذه المسافة – تقريباً 450 كيلو متر – ليست أبعد المسافات الفاصلة بين مدائن السودان.. هناك طريق الإنقاذ الغربي الذي يشهد حراكاً نشطاً رغم المخاطر التي تسببها جماعات مسلحة، وهناك شريان الشمال (الخرطوم، حلفا)، ثم مئات الكيلومترات الممتدة من الخرطوم إلى الأبيض وكادوقلي وكوستي وربك، وكلها مسافات تستدعي زواج ( المثنى والثلاث والرباع)..ومع ذلك لم تظهر ظاهرة زواج الطريق – حسب حديث الشبكة – إلا في طريق ( عطبرة / بورتسودان).. لماذا..؟؟
:: المهم، آي بغض النظر والعقل عن أسباب تخصيص هذا الطريق بهذا النوع من الزواج، بما أن الشبكة الوطنية أسمته (بالزواج) و ليس ( بالزنا)، فهذا يعني أن السائق في هذا الطريق – عطبرة، بورتسودان – يحرص على أن ترافقه زوجته وتتقاسم معه عناء الرحلة ما بين عطبرة وبورتسودان، فما المُدهش والمٌعيب بحيث تصف الشبكة هذه الرفقة بالظاهرة السالبة التي يجب مكافحتها؟.. نعم أُكرر، أليس زواجاً بإعتراف الشبكة؟، فهل في البلاد قانون يُحرًم مرافقة الزوجة لزوجها سائق الشاحنة في طريق عطبرة بورتسودان؟.. للأسف، هذه الشبكة – بهذا الحديث غير المسؤول – لا تسئ فقط لسائقي الشاحنات في طريق عطبرة بورتسودان، بل تسئ لعطبرة وبورتسودان أيضاً.. !!
:: مثل هذا الإتهام الذي يطال قطاعاً عريضا، شرعاً يسمى بالقذف وقانوناً يسمى بإشانة سمعة، وإرتكبتهما الشبكة (بلا وعي ).. وبما أنها شبكة طوعية وتعمل في مجال مكافحة المخدرات، فعليها أن تدع قذف النساء وإشانة سمعة السائق في هذا الطريق، وتكتفي بأن تمارس دورها التوجيهي والتثقيفي في مجالها..وأن تعقد الشبكة الوطنية لهؤلاء السائقين ورش ودورات ذات صلة بمكافحة المخدرات ومخاطرها خير – للسائق والبلد – من أن تثرثر على صفحات الصحف وتتهمهم وتسئ إليهم بمثل هذه التصريحات غير المسؤولة..ولكن هكذا دائماً حال السواد الأعظم من المنظمات، يأبى نشاطها إلا أن يقتات بالإثارة ويرتزق بالإساءة ..!!