استقبل اليمنيون – بفرح غامر – النتائج التي توصل إليها الحوار الوطني الذي استمر لما يقارب العام، لبحث مستقبل نظام الحكم في اليمن بعد الثورة التي أنهت مرحلة علي عبد الله صالح، وشكلت الوثيقة النهائية أملا كبيرا في تجاوز عقبة أزمة جنوب اليمن في مسار اليمنيين لاستعادة يمنهم السعيد الذي افتقدوه كثيرا أثناء وبعد حكم علي عبدالله صالح، والسودان القريب من اليمن كان يتابع مداولات الحوار الوطني ويده على قلبه خشية أن ينفرط عقد اليمن على غرار انفصال جنوب السودان وكان غلاة انفصال جنوب اليمن يستشهدون بجنوب السودان ما أدركوا أن في الوحدة السلام والاستقرار والتنمية عكس التشرذم والانفصال، ودونكم المآل في أغلب الدول التي مرت بتجربة الانفصال، في حوار اليمن الذي مر بمراحل شد وجذب أخيرا رست السفينة على إقامة دولة اتحادية (فيدرالية) وحضرت الحكمة اليمانية لتعصم البلاد من خطر الانفصال باعتماد الحكم اللامركزي،
وردا على مظالم الجنوبيين من التهميش، أقر الحوار الوطني المساواة بين الشمال والجنوب في الوظائف الإدارية والقوات المسلحة وغيرها.
الحوار الذي كان تحت شعار يمن جديد، نجح فعلا في الخروج بوثيقة تفضي إلى يمن جديد، ولعل هذا ما أشار إليه ضمنا الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، عندما قال إن مؤتمر الحوار الوطني، أنهي أعماله علي قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”وشدد على “أن النجاح الحقيقي لأعمال مؤتمر الحوار يكون بالتخلي عن معاول الهدم وإطلاق ورش البناء والتشييد”.
الوثيقة التي جاءت ثمرة عصف ذهني وترجيح لمصالح الوطن على المصالح الخاصة طوال عشرة أشهر من البحث والنقاش المعق لمشكلات اليمن هذه الوثيقة تصلح أرضية جيدة للانطلاق نحو اليمن الجديد والسعيد، الذي ينشده اليمنيون، ويتمناه أصدقاء اليمن الذين ينتظرهم الكثير من العمل من أجل تحويل ما جاء في ثنايا الوثيقة من أفكار ومبادئ مثالية إلى واقع عملي يسهم في إرساء دعائم الاستقرار الأمني والسياسي في اليمن ويمهد للانطلاق نحو آفاق التنمية والازدهار التي تستحقها اليمن وتمتلك مقوماتها.
الحوار اليمني قدم نموذجاً جديداً بأن الحوار والنقاش يمكن أن يحل أزمات المنطقة التي باتت تتجه في أغلب أزماتها إلى الحل العسكري الكارثي، كما أن الحوار الوطني في اليمن الذي هو مرحلة ثانية من عملية نقل السلطة، يمنح مجلس التعاون الخليجي صاحب المبادرة السياسية في اليمن زخما جديدا كتجمع إقليمي لا تقتصر مهامه على العلاقات البينية الاقتصادية بين دول المجلس، بل يدفع بمبادرات سياسية ناجحة لحل الأزمات على النحو الذي جرى في اليمن، وينتظر المجلس الكثير من الدعم لليمن حتى تستعيد عافيتها وتسترد موقعها كدولة فاعلة في الخليج العربي.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي