كنوز “محنّة”

[JUSTIFY]
كنوز “محنّة”

* لم نعد نملك الكثير.. تساقطت مقتنياتنا الثمينة مع الأيام العصيبة والحياة القاسية.. ليصبح كل ما نملكه من ثروات تلك الأبعاد المعنوية لقيم عزيزة وحميمة كادت بدورها تنقرض.
أصبح الادخار أمراً عسيراً على أمثالنا.. والتوفير قضية شائكة لا يمكن لنا تداولها بحرص مفتوح على نافذة العشم في تحقيق بعض الأحلام التي تتطلب التقتير واستقطاع ما تيسر.
تأجلت طموحاتنا الكبيرة بغد أفضل أكثر أمناً واستقراراً وسعادة..
عفواً.. من القائل إن المال لا يشتري السعادة؟! إنه حتماً يساهم بقدر وافر في شرائها ويساعدنا على الإحساس بها في زمن تلاشت فيه المبادئ والمثالية الزائفة ولم يعد للقناعة فيه مكان.
* إننا مرغمون على ممارسة بعض الجشع ومحاولة تأمين لقمة العيش الطيبة لأولئك الصغار، ربما لهذا يقال إن (الوالد شقي) فإحساسه بصعوبة الحياة وتكالب الهموم على رأسه ومحياه يزداد كلما توغل إحساس الأمومة أو الأبوة بأعماقه واتسع نطاق مسئولياته وإيمانه الفطري التام بضرورة القيام بها.
وللعلم.. فإن المسؤولية لا تكتسب.. إنها غريزة فطرية تنمو مع الإنسان بحسب تربيته وتركيبته الداخليه.. فلا تنتظروا من أحدهم أن يتعلمها بعد أن يبلغ من العمر أوجه ويسجل رسمياً كراع مسؤول عن رعيته كأسرة صغيرة.
فكم من رجال لم يحسنوا حتى الآن تصريف شؤون بيوتهم رغم أن الشيب وخط أفوادهم. ولا أحسبهم سيحسنون بعد الآن مهما حاول من حولهم دفعهم لذلك بشتى السبل.
* إننا ببساطة نعاني من الحاجة والفاقة والعوز.. ومهما ارتفعت مستويات دخولنا الثابتة يتزايد طردياً معدل الصرف، وهذا ما وجدت فيه التفسير المنطقي للدهشة التي كانت تعتريني كلما رأيت الجهد الذي يبذله أصحاب الملايين لكسب المزيد رغم أنهم في اعتقادني يملكون كل ما يمثل بالنسبة لي غاية الرضا والطموح والرفاهية.
* ولا أنكر أنني أجتهد ما استطعت في سبيل بلوغ بعض الأمنيات التي تكفل لأبنائي أماناً مستقبلياً رغم ضيق ذات اليد وارتفاع معدل استهلاكهم هم أنفسهم بشكل مضطرد.
لهذا تجدونني أكاد أكون معدمة إلا من تلك الفرحة التي أراها في وجوههم كلما سارعت لتلبية طلباتهم بما يجعلهم يشعرون بالاستقرار والأفضلية.. ولا أكتنز سوى تلك (المحنّة) التي يحيطونني بها كلما استشعروا همي أو توعكي أو حتى اعتكار مزاجي وحزني المتتابع الذي أدمنته وأدمنني.
وبقدر خوفي من المجهول.. وقلقي على مستقبلهم في ظل تسارع الأحداث والحياة تمضي من عسر إلى عسر.. وبرغم خوفي من أن يسرقني منهم الموت على غفلة مني فأسلمهم لليتم والوحدة.. تجدونني أحاول ما أمكن أن أنعم بحبهم الصادق وبراءتهم اللطيفة.. وذكائهم الطريف.. وحواراتهم الحميمة.. وأسئلتهم الصعبة.. وحنانهم الكبير.
* وللحنان أبعاد أخرى تستشعرها كل امرأة أفاض الله عليها برجل يدرك فعلياً قيمة الحنان وفوائده وتأثيره السحري على الحياة.
ويا لتلك الثروة التي تتمتع بها إحداهن وهي منغمسة كلياً في حنان رجل يخشى فيها الله ويقدر أعباء مسؤولياتها الجسام فيجتهد في مساعدتها والاهتمام بها أو على الأقل شكرها والتعبير عن امتنانه الكبير لها على كل ما تقوم به لأجله، وهذا فقط ما حق لنا أن نسميه ثروة حقيقية لا تنقص ولا تسُرق ولا تنفق ولا تزول.
* تلويح:
أحلى فصول العمر.. حنانك

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version