تتناقل الصحافة منذ اكثر من أسبوع تداعيات شريط الفيديو الإباحي الذي وصل شخوصه إلى المحكمة وهم شباب دون الـ52عاما.
الفيديو تداوله عشاق (الواتساب) وانتشر على أوسع نطاق وصار الحديث المفضل لكل مستغرق في (الواتساب).
يجدر بي أن اكشف أنني لا حساب لي في الفيسبوك ولا تويتر ولم أفكر يوما في (الواتساب) أو (الفايبر)، كل علاقتي مع التكنلوجيا (هلو.. والسلام.. ومع السلامة) إذا إنني لا أتوقع أن يرسل لى ناشط (واتسبي) محاضرة لواسيني الاعرج ولا مقطع شعر لشوقي بذيع ولا منمنمة لعالم عباس الذي أعتبره أمير شعراء السودان، ذلك لانني أقف على معظم الرسائل التي ترد لاصدقائي فهي لا تخرج عن (قوالات وسواطات) أو صورة لامرأة ذات ارداف أو حمار يمارس الجنس مع فتاة آدمية، ولكن يدهشني ذلك الافتتان والمثابرة والاخلاص المتفاني لذلك النزوع النزق.
أصبحت هذه الرسائل وسط الشباب والفتيات والكهول والمتصابين شأنا يوميا، وأصبحت أجهزة الموبايل تغرد كل ثانية كأنك في حقل يسكنه الطير من كل جنس.
يحدث هذا في بلد تحكمه قوانين الشريعة الاسلامية السمحاء منذ ربع قرن، وتنتشر فيه المساجد وتمثل البرامج الدينية في المرئيات والمسموعات نسبة تتجاوز الـ35% من الخريطة البرامجية، ولا يتحدث مسؤول في أمر إلا بعد البسملة والصلاة والسلام على أفضل خلق الله، وعلى شيماء الرجال علامة الخشية والخضوع لأمر الله التي تجلوها تلك العلامة البارزة على الجباه.
كنت اتصور أن هذا الترتيب الذي أعدت له الدولة وحرسته بالموعظة الحسنة و(النظام العام) سينتج جيلا من الزهاد والعباد الذاكرين القانتين المتبتلين الذين يحفظون فروجهم ويتصدعون من خشية الله خاصة في أوساط الشباب الذين حين استصرخت القدرة الالهية اصواتهم في المهد كان يوسف الكودة يقدم ذلك البرنامج الديني الذين كانت هداياه للمتسابقين (مسبحة وطاقية وخمارا).
لم اكن اتصور أنه وبعد مرور كل هذه السنوات من الانسيال الديني المنتظم عبر البرامج والمساجد والمنابر السياسية وخطب المسؤولين أن يكون في بلادنا فنان اسمه (حمادة بت) وآخر يطلق عليه (سامي عجرم) لدقته وحرفيته المتناهية في تقليد الفنانة نانسي عجرم، وثالث يذهب ليحيي الحفل وقد (قام من حفرة الدخان)، وما كنت أحسب أنني أحيا الى زمن استمع فيه لأغنية (دكالينية) تبث من (اليوتيوب) لمغنية تغني:
مشيت أديتو قُبلة
رغماً أني حُبلى!
تتسيد هذه الثقافة ثقافة (الاستمناء اللفظي) حياة الشباب في سطوة بائنة، وحياة الكهول في سرية مطلقة وما (الواتساب) الا الوسيط المجترح لبث هذه التجارب التي استغرقت شبابنا وصرفتهم عن كل جادة.
إنه أمر يتطلب أن تراجع الدولة منهجها في إعادة صياغة المجتمع خطاباً وآليات، وإني على يقين بأن مخترع (الواتساب) ندم على وصول تلك التكنولوجيا إلى السودان.
[/JUSTIFY]
أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني