شرقاً باتجاه السوق المركزي تحديداً الواجهة الغربية للمدينة الرياضية التي لم يكتمل العمل فيها حتى تغدو ملاعب نموذجية ودولية، يستغل البعض من الشباب تلك المساحة لكي يتعلموا فيها فن قيادة السيارات والمواتر بطريقة غير رسمية.
عربات فارهة ودراجات نارية تبدو عليها الجِدة، يلتف حولها صبية يتراوح متوسط أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والعشرين – تقريباً – بحركات صبيانية مثل التصفيق والصفير تشجيعا لنظرائهم ممن يؤدون تلك الحركات البهلوانية خاصة إذا كانت جديدة عليهم، فتثير فضولهم لتعلمها كما تثير محركات السيارات وعجلات المواتر غبار الباحة.
خطورة بائنة
حركات قاتلة وأخرى خطيرة، ورغم تلك الخطورة فهناك من يتكسب مادياً لأن البعض منهم تغير مستوى دخله على المستوى الاقتصادي، الكثيرون يعدون ما يقوم به هؤلاء الشباب يماثل التفحيط، لكن الحقيقة تؤكد أنه ليس تفحيط باعتبار أنه يحتاج لطرق مسفلتة وسيارات معينة، فالتفحيط يتنشر وسط طبقات الأثرياء التى تتمتع بمستوى اقتصادي واجتماعىي عالٍ.
تعليم قيادة السيارات
يبدو أن الأمر بالنسبة للنور حسين خريج جامعة النيلين الذي يسكن بمنطقة مايو التي تبعد عن تلك الباحة عدة كيلومترات ليس بخطير، فهو تعليم القيادة بالنسبة للمواتر. وأضاف حسين: إن تلك المساحة ليست للتفحيط كما يزعم الناس بل لتعليم قيادة المواتر والسيارات، فإذا أردت معرفة المفحطين فهم يتبارون في شارع النيل قبالة برج الاتصالات، مؤكداً أن التفحيط هو حكر على الطبقات الراقية التي يمكنها معالجة الأعطال وإصلاح وسمكرة السيارات حال اصطدامها أو انقلابها، فنحن أبسط مما يقال عنا كل ما نفعله هو استئجار المواتر حتى نهاية اليوم، يرجع كل منا إلى حيث أتى، مشيراً إلى أنهم يهربون عندما تحاول الشرطة القبض عليهم، فتلك المنطقة غير مسموحة لهم، لكنهم يسيطرون عليها ما يقارب الثلاثين عاماً.
دهشة من تحت العجلات
بعض المهتمين بالأمر من المتفرجين الذين يأتون لمراقبة هذا النشاط، يقول على لسانهم حسين المرتضى، الذي يعمل تاجر بالسوق المركزي، استهوته تلك المشاركات الشبابية التي يتسابق فيها الشباب بمختلف أعمارهم، يقول عند هؤلاء الفتية وممارساتهم لتلك القيادة التي يراها مذهلة بالنسبة له أحب كثيراً مشاهدة عمليات التفحيط والتعليم والطرائف التي يقع فيها الصغار. ويضيف: عن نفسي لن أقع في مثل هذه المغامرة غير مأمونة العواقب، حيث تدهشني سرعة تغيير المسارات ويعجبني الغبار الثائر من تحت عجلات السيارت والمواتر، مشيراً إلى أنه لا يعرف شخصاً بعينه، لكن يحضر وقت ما سنحت له فرصة للفرجة والترويح عن حسابات السوق.
مسرحية الانتحار
آخرون يرفضون رفضاً باتاً المشاركة ويجلسون فريجة يراقبون ما يقوم به هؤلاء الصبية ويشجبون من يخطئ في القيادة ويلومون من يصاب، زاعمين أنهم يبحثون عن الموت، فتلك الألعاب والمغامرات بالأرواح والجسد ما هي إلا مسرحية للانتحار، تتلف الممتلكات وتحطم الأبدان وتروع الطرقات وترعب المارة بسبب التهور الذي يقوم به من يخرج عن الساحة المخصصة. ويضيفون أن للتفحيط الذي يمارسه الشباب عواقب وخيمة خصوصاً عند الفرار من الشرطة أو عن المناقشات التي تقوم حيال الاختلاف في الآراء أو رسوم التعليم التي يفرضها صاحبة السيارة أو الموتر أحياناً، حيث يعقبها ضرب وعراك عنيف، إضافة إلى ما يسببه التفحيط من تجمعات الشباب التي تكون سبباً في الفوضى والتعدي على الناس والممتلكات وانتهاك الأنظمة. وقال على الشرطة أن تحيل أي شاب يتورط في مثل هذه التصرفات الخطيرة إلى النيابة العامة، بحيث لا يقتصر الأمر على مجرد تسجيل مخالفات مرورية أو حجز سيارة فقط، لكن يجب أن يتجاوز الأمر إلى تسجيل قضية جنائية، وتالياً محاكمته جنائياً وتوجيه تهمة تعريض حياة الآخرين للخطر، والإضرار بالممتلكات حتى يرتدع من يتسبب في مشاكل وأزمات.
اليوم التالي