تأملات في خطاب الرئيس

[JUSTIFY]
تأملات في خطاب الرئيس

حينما انتهى الرئيس عمر البشير من خطابه أمس بقاعة الصداقة سألني مراسل البي بي سي الزميل محمد عثمان عن الجديد في الخطاب.

قلت: (روح الخطاب توضح بروز توجهات جديدة في الحكومة تغلب الخيارات الوطنية على الأجندة الحزبية والاعتراف بوجود أزمة ترتب عليها احتقان سياسي وضائقة معيشية تقتضي إيجاد حلول توافقية بين كل القوى السياسية).

على قدر ما بشر الخطاب بالقادم استبطن اعترافات -غير مباشرة- بأخطاء ارتكبت في تجربة الحكم أساسها صعود مصالح الحزب على حساب ما هو وطني.

خطاب الرئيس خلا من الدعائية والاستعراض السياسي بالحديث عن الإعجازات والإنجازات والتمسك بالثوابت وهو خطاب أكثر انفتاحاً نحو الآخر من كل الخطابات السابقة.

حضور دكتور حسن الترابي والسيد الصادق المهدي أعطى اللقاء قيمة سياسية كبرى حتى ولو كان لهما تحفظات على بعض ما جاء في الخطاب أو أن الخطاب جاء أدنى من توقعاتهم.

مع التأكيد على بياض النوايا وسلامة القصد وجدية الروح لا بد من إبداء بعض الملاحظات:

كتبت قبل يومين: (لا أعرف لماذا تم اختيار هذه الطريقة التشويقية في الإعلان عن خطوات أو قرارات سياسية؟! ترديد الحديث عن وجود مفاجأة جعل كل فرد يعبئ توقعاته بأمانيه وتطلعاته التي قد تكون غير موضوعية، أتوقع أن يؤدي رفع سقف التوقعات لإفساد دهشة أي قرار يصدر مهما كانت أهميته)!!

وصف الخطاب بأنه يحمل (مفاجأة) ليس من إنتاج صحافة الخرطوم كما جاء في بعض التصريحات ولكنه ورد فيها منسوباً للأستاذ/ أحمد إبراهيم الطاهر، ورغم مجهودات بروف غندور لوضع الخطاب في إطار واقعي إلا أن مثل هذه الكلمات ذات الإشعاع الإعلامي الكثيف يصعب التحكم في مآلاتها أو إعادتها إلى منصة الانطلاق بتفسيرات مصاحبة.

من الواضح أن الخطاب هو تمهيد لخطوات قادمة قد تحمل معها بعض المفاجآت ولكن ما جاء في الخطاب لا يبلغ مدى التوصيف بأنه (مفاجأة).

كان من الأفضل أن تقدم الأفكار التي جاءت في الخطاب عبر طريقة الرئيس في استخدام أسلوب السهل الممتنع وهو أسلوب يميز الرئيس عمر البشير عن الكثير من السياسيين ويجيده ببراعة ويجعل ما يقدمه من أفكار وآراء مفهومة للصفوة والعوام دون تعقيد أو استخدام عبارات معقدة وتراكيب لفظية وعرة.

الأفكار والرؤى التوافقية الجديدة كانت تحتاج إلى حديث يجمع بين وضوح الأفكار وسلاسة التعبير، حديث مكثف وبسيط يخرج من القلب إلى القلب وهو ما يجيده الرئيس البشير، وأوضح مثال لذلك الطريقة التي قدم بها قرار رفع الدعم عن المحروقات في سبتمبر الماضي.

كان الخطاب سيكتسب قوة سياسية وإعلامية إذا جاء مصحوباً بنص وثيقة الإصلاح أو بعض القرارات ذات الطابع التنفيذي.

لا بد من عرض وثيقة الإصلاح على الجماهير بأعجل ما تيسر مع إجراء حوار تليفزيوني وإذاعي يقدم من خلاله الرئيس البشير الترجمة الشعبية لخطاب قاعة الصداقة.
[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني

Exit mobile version