من قبعة أي ساحر خرجت يا رجل السانحة الأخيرة؟ من أي اتجاه خرجت عليا شاهراً سيف الهيام لتغتال كل خذلاني القديم، وتعلن سطوتك على مدينة أشواقي وهيامي؟! وكيف أستطاع حبك أن يغزوني؟ أن يدك حصوني؟ أن يفتح باب قلبي على مصراعيه؟
أن يحرك الحياة من حولي باتجاهاتها الأربعة.. أن يسخر من ادعاءات وقاري وحكمتي.. أن يعيد لي طفولتي الضائعة ويسمح لي أن أستعيد قدرتي على ممارسة مراهقتي دون مراعاة لدواعي العمر وتراكم السنوات الرتيبة على وجداني..
جنون وحنان
يا لهذا الجنون الذي نحياه.. ويا لهذا الحنان الذي تغمرني به.. ويا لذلك الاحترام الذي يتكامل مع الاهتمام ليحقق معادلة الحب الصحيحة كما يجب أن تكون!!
أعترف بهزيمتي أما جيوش نبلك الجرارة.. وهأنذا أقدم لك طائعة مفاتيح مدينتي الصغيرة.. وأرجوك أن تحدث بها ذلك الانقلاب النوعي الذي يجعلها تلحق بركب التقدم بعد أن عاشت طويلاً في ضلال حزنها القديم ترزح تحت وطأة البرود والضجر!
أنصبك يا سيدي ملكاً على حياتي.. وأعلن عليك الحب واللوعة.. أعمدك بماء الياسمين وعطوري الباريسية الباذخة التي تعتقت من فرط ما ظلت قابعة في مكان مهمل من خزانتي المتهالكة!
بحثت عنها اليوم بحماس.. ورحت أرشها بترف علي أجواء عواطفي.. أستنشقها بعمق.. أفسح لها المجال لتعبر خياشيمي وتتغلغل في روحي، فتبدد ذلك الهواء الفاسد الذي يجثم على صدري وتجدد أنفاسي، فأطلق زفرة قوية تعلن أخيراً استعادتي لعافية الأكسجين وإطلاقي للآهة الأخيرة القابعة بين ضلوعي!
توازن ونقاء وإنسانية
إن الحب يا سيدي يمنحنا ما يلزم من توازن ونقاء وإنسانية.. يعيننا على احتمال كدر الحياة.. وينفث فينا طاقةً إيجابية للنجاح والسعادة.. لهذا تجدني بعدك كالعصافير.. أحلق في سموات الإبداع وأتحالف مع الأغصان الخضراء والأزهار الملونة!
أصادق البحر وأركن إليه لأسرد قصتي العذبة معك.. ويجزم بعض المراقبون من الخبراء أنهم لمسوا تحولاً مستمراً للبحر من الملوحة إلى الحلاوة كلما جلست إليه احتفاءً بسيرتك! لقد عشقك البحر مثلي.. وما فتئ يقسم بأنك توأمه في العمق والصفاء والجمال والنبل.. وأستشعر وحدي أبعاد ذلك التشابه.. فأنت ياحبيبي تشبه البحر حقاً.. وإذا كنت ألتقي جزءاً حميماً من روحي كلما تسكعت على ساحله، فإنني أعانق كل روحي في حضرتك! أبتسم لها.. وأسامر أحلامها الوردية الوريفة.. وأنعش ذاكرتها.. وأهدهدها لتنام على صوتك الدافئ الحنون، وهو يقص لي كل يوم قبل النوم حكاية الأميرة والفارس النبيل وحصانهما الأبيض وصمودهما في وجه كل المتاريس!
عيد الحب
واليوم.. يحتفل العالم ببدعة عيد الحب!! فمتى كان للحب عيد؟ إن للعيد حباً.. ولكل الاحتفالات والمناسبات واللحظات التي تعبر حياتنا نصيبها من ذلك الإحساس الحميم الذي يشعل جذوة البهجة والنشوة والإرتياح، إنه ميكانيزم أعمارنا.. ووقود طاقاتنا بكل صنوفه وأنواعه.. نتكون في أرحام أمهاتنا بحب.. وننمو داخلها بحب.. نخرج للحياة فتتلقفنا أذرع الأمومة بحب.. نمضي طفولتنا الوادعة اللطيفة محاطين بالحب.. نتدرج في سلم التعليم والخبرة ونحن نتوق دائماً للحب.. وتمضي أيامنا وبداخلنا دائماً شغف ولوعة ولهفة واحتياج لأحد ما يمنحنا ما نحتاجه من دفع وحنان ونحيا معه قصة حب مثالية مختلفة!
أين العيد إذن؟ وهل هناك وقت يخلو من الحب لننصب فيه سرادق الاحتفال بعيد مفترض؟!
ليس للحب احتفالات أو طقوس أو أيام بعينها.. تضج عروقنا به كل يوم وتصطخب دماؤنا وتوزعه لأعضائنا في كل ثانية.. لا أحسب أن بإمكان أحدهم أن يعيش دون حب.. مهما بلغ قدره أو عمره أو درجته.. ومهما كانت طبيعته البشرية المعتادة أو القاسية.. هناك دائماً بأعماقنا منطقة خضراء وارفة يختبئ فيها حب ما.. قصة قديمة أو جديدة.. تظل المتكأ والملاذ.. نهرع إليها كلما ضاقت بنا سبل العيش وناوشنا اليأس والحزن والإحباط.
دام حبنا
إذن.. دام حبنا.. بكل تفاصيله وأبعاده.. بكل أحداثه ووقائعه.. بكل تقلباته وأمزجته.. بكل ضحكاته ودموعه.. بكل وصاله وجفوته.. بكل شوقه وحنقه.. بكل صفائه وكدره.. وبكل أثره علينا.
أسأل الله أن يحفظه.. ويحفظك.. ويقينا شر الفتن.. ما ظهر منها وما بطن.. ويكفينا شرور الناس وشر أنفسنا.. ويمنحنا القدرة على التعايش والاحترام والاهتمام والتسامح.. ويهبنا عمراً طويلاً ومديداً ننفق كل ثوانيه في المحبة.. ونسبغها على الآخرين.. لنحيا جميعاً في سلام.
وإن كان لابد من الاحتفاء بعيد الحب.. فإنني أمارسه بشكل مختلف.. لن أبادلك الهدايا والتهانئ.. ولن أخرج معك لنسهر سوياً.. ولن أغمرك بالورود الحمراء وكروت المعايدة المعلبة والدباديب الجميلة.. سأحتفل بك بشكل مختلف.. سأفرغ في وجهك غضباً من نوع جديد.. وأسبك بقوة وحماس.. أسلك علناً.. وألقي بها في وجهك جهاراً نهاراً: (عليك اللوعة).. وعلى كل يوم يمضي دونك اللعنة.. (عليك اللوعة) يا سيد الألق والأرق والقلق والمتعة.
اليوم التالي