قيل ان الامام ابي حنيفة النعمان كان له مجلس افتاء يومي يقصده الناس من مختلف الاماكن..وفيه يفصل ابو حنيفة في ما اشكل على الناس في حياتهم اليومية …يقال انه المت به بعض الالام في رجله فصار يمدها فوق مقعد صغير امامه …ولان أغلب مرتادي مجلسه من اهل مدينته لذلك لم يجد حرجا في مد رجله فوق ذلك المقعد اثناء الدرس …حدث ذات يوم انه كان جالسا ومادا رجله كالعادة ..ان دخل مجلسه رجل غريب ..فتحرج الامام وأرخى رجله وتحامل على نفسه امام ذلك الغريب …ولكن الغريب جلس صامتا حتى نهاية الجلسة وخرج بعد ذلك..اتى اليوم التالي وكرر ما فعله ابو حنيفة من عدم مد رجله احتراما للغريب ولكن الغريب ظل صامتا ايضا ..في اليوم الثالث ..ما ان دخل الغريب ..حتى بادره أبو حنيفة قائلا (الك عندنا مسالة ؟؟)..رد الرجل الغريب قائلا (متى يفطر الصائم؟؟)..رد الامام تلقائيا (عندما تغرب الشمس)…الرجل الغريب (واذا لم تغرب الشمس؟؟)..هنا قال الامام ابو حنيفة مقولته التي ذهبت مثلا (ان على ابي حنيفة ان يمد رجليه).. تحسر الامام ضمنيا على ذلك الوقت الذي تحمل فيه الالم وأرخى رجله ..وفي النهاية يسأله الرجل عن مسالة بديهية ..كيف لا تغرب الشمس؟؟؟. ساقتني الاقدار بعيدا الى اماكن وجدت فيها سؤال الرجل منطقيا جدا ..فقد عانيت الامرين عندما اقمت بالمانيا للدراسة …واتى رمضان ولم اكن احمل له هما كبيرا فالجو جميل والنسيم عليل …فؤجئت اولا ان الامساك عند الساعة الثالثة صباحا …مافي مشكلة …ولكن اليوم بدا …ولم ينته ..ولم تغرب الشمس …صحيح ان الشمس ضعيفة وبعيدة مثل (لمبة التلاجة) وهذا الذي يغيظ فيها ..فلا هي تريد ان تسطع كما ينبغي …ولا هي تريد ان تغرب وترحمنا وتجعلنا نسد الرمق ونسكت قرصة المعدة ..عندما تذمرت من تلك الشمس المعلقة والتي لا تغرب الا عند التاسعة مساء …ضحك مني بعضهم وقيل لي (طيب لو مشيتي الدنمارك ولا فنلندا حتعملي شنو؟؟.. هناك الشمس بتغيب ساعتين تلاتة وترجع تاني). هل فكر احدنا قبل الان ان ذلك الرجل مظلوم؟ ربما كان قادما من تلك الدول التي لا تغرب فيها الشمس؟؟…اليوم الرمضاني في صيف تلك الدول ..طويل الى درجة عجيبة …لا احد يشاركك ما تشعر به ..فالناس ياكلون ويشربون عيني عينك في الطرقات ..عليك ان تردد اللهم اني صائم طوال الوقت والا نسيت ذلك …يملؤك الغيظ من تلك الشمس التي ترسل أشعتها على استحياء وتمد لسانها لك في قصد واضح …فانت الوحيد الذي تريد مغربها والجميع يتمنى ان تدوم معلقة …لكني والشهادة لله انجزت اغلب تجاربي المعملية في رمضان …ذلك انني كنت أمكث حتى الثامنة والنصف مساء في المعمل…ولا يوجد اوقات مستقطعة للاكل او الشرب…فكان ان اكملت ما اتيت لاجله في ذلك الشهر ذو الايام الطويلة بحمد الله وتوفيقه…بعد قصة الامام بمئات السنوات أثير موضوع الدول التي لاتغرب فيها الشمس وقرر المجلس الاسلامي الاوربي ان يصوم المسلمون في تلك الدول حسب توقيت مكة المكرمة (اثني عشرة ساعة في اليوم ) وبذلك رفع الظلم عن ذلك الرجل الذي تم وصمه بالغباء منذ ذلك الزمن . خلال خطبة الجمعة في احدى المساجد السودانية كان الحديث عن الاسراء والمعراج ..تحدث الامام عن تلك القصة المعروفة عن فرضية الصلاة وكيف ان النبي صلى الله عليه وسلم قد ترجى ربه لتخفيض عدد الصلوات حتى صارت خمس في اليوم باجر خمسين …قيل ان احدهم ..قال للامام… (اها ..دحين ما اتفاكر معاهو في رمضان دا؟؟؟) ..وووصباحكم خير
د. ناهد قرناص