مزمل ابوالقاسم : غيرة وعبقرية

* دار نقاش موسع خلال الأيام الماضية حول اقتصاديات الصحف، والمهددات التي تتعرض لها صناعة اتجهت إلى انحسار خلال العام المنصرم، الذي شهد – بحسب متابعاتنا الشخصية- تراجعاً مؤثراً في توزيع معظم الإصدارات، يقدر بحوالي ثلاثين في المائة.

* مسببات التراجع تنحصر في تأثير الأزمة الاقتصادية على متابعي الصحف، بخلاف إقدام عدد كبير من القنوات الفضائية والإذاعات الخاصة على استعراض عناوين الصحف، وتحليل مضمونها كل صباح، بجانب الانتشار الكثيف لتطبيق (واتساب)، الذي يشهد تداولاً واسعاً لمحتوى الصحافة في أوقات مبكرة يومياً، حيث تتبرع بعض الجهات الرسمية والخاصة (وكالة سونا وجانا الإخبارية مثلاً) بتوزيع عناوين الإصدارات وأبرز محتوياتها، ويبادر آخرون بتصوير الأخبار المهمة وأعمدة الرأي المؤثرة، وتوزيعها في مجموعات الواتساب، فتسري سريان النار في الهشيم.

* انعكست تلك المؤثرات سلباً على توزيع الصحف، وستثبت تقارير التحقق من الانتشار – التي يتهيأ المجلس القومي للصحافة لإصدارها- تلك الحقيقة قريباً، ومع ذلك ما زالت الرغبة في إصدار المزيد من الصحف حاضرة.

* ترتيب صحف المقدمة لم يتأثر، لكن كميات المطبوع والموزع منها تراجع، ونعتقد أن صدور صحف جيدة المستوى (مثل الصيحة والتيار) في العام المنصرم اقتطع جانباً من نصيب البقية في التوزيع.

* المصيبة التي لا يعلمها معظم الناشرين تنحصر في المتغيرات التي ستطرأ على سوق الورق، لأن أسعاره ستشهد طفرةً مؤثرة، بعد أن أقدمت وزارة المالية على زيادة رسوم التقييم الخاصة بورق الصحف في الجمارك، وضاعفتها بنسبة مائة في المائة.

* النسبة نفسها سرت على كل مدخلات الطباعة من دون إعلان، كمحصلة طبيعية لزيادة سعر (الدولار الجمركي)، وذلك من شأنه أن يجبر المطابع على زيادة أسعارها قريباً، لتضاعف معاناة معظم الإصدارات، وقد يؤدي ذلك إلى توقف عدد من صحف (الهامش) قريباً.

* قبل أيام استضافت قناة الشروق الفضائية الأخ عبد الله دفع الله بصفته أحد الناشرين، فأدلى بالكثير من الغثاء، و(طربق) كعادته، وزعم أن حالة (الغيرة) التي شابت علاقة شريكيه السابقين تسببت في إجهاض تجربة ناجحة، كان بمقدورها أن تجعل صحيفة (الأهرام اليوم) تتفوق على (الأهرام) المصرية!

* لا أود الخوض في تفاصيل ما قاله عبد الله، لكنني أتساءل: إن كان مزمل والهندي قد تسببا في إجهاض مشروع (الأهرام اليوم)، فما الذي منع عبد الله من إظهار عبقريته الإعلامية والتوزيعية بعد أن تركنا له الجمل بما حمل، وآلت إليه الصحيفة بالكامل؟

* لماذا لم يطورها ويلحقها بالأهرام المصرية بعد أن أصبحت مملوكة له بلا منازع ولا (غيور)، وخرج منها من كان ينشط في حثهما على التنازع ببراعة تحسده عليها (عجوبة الخربت سوبا)؟

* لمَ لم يمنعها من التراجع إلى المؤخرة، ويحميها من التحول إلى (الأطلال اليوم)، طالما أنه يعتبر نفسه خبيراً في الإدارة، وعالماً نحريراً في شؤون النشر والتحرير؟

* الصحف التي يمتلكها ناشرون ينتمون إلى المهنة ستقاوم المستجدات غير المفرحة التي طرأت على صناعة الصحافة، ونرجح أنها ستقوى على الاستمرار بهامش منخفض للأرباح، أما التي آلت ملكيتها إلى (جلابة) لا علاقة لهم بالصحافة، ولا يمتلكون مقومات العمل فيها فستؤول إلى اندثار، بعد أن تراجعت مبيعاتها إلى أقل من ألف نسخة يومياً.

اليوم التالي

Exit mobile version