إذا تكاثفت الغيوم وصار أبغض الحلال هو الطريق الوحيد للراحة يبدأ كل من الأزواج بشق طريقه لوحده، لكن يظل عدم النسيان هو العقبة الكؤود لمحو ما مضى وذلك عبر سيل الأسئلة الجارف المتلاحق،
فكلما جنحا لطريق آخر يستوقفهما البعض بالأسئلة، وليت الأمر يتوقف عند ذلك الحد فهناك بعض الأزواج وأثناء مراسم الانتهاء يشرعون في نشر أدق التفاصيل والعيوب بدءاً من المصلحين (الأجاويد) والذين في بعض الأحيان يزداد على يديهم الأمر سوءاً نتيجة لذكر ما لا يقال، وبمجرد فك الرباط يسرعون ومن دون سؤال لنشر الغسيل حتى يراه الكل والذي بالطبع يعكس المنشأ الأسري مما يؤدي إلى تدمير عائلات بأكملها، لذلك آثرت (المجهر) أن تتلمس بعض المشاهد الواقعية التي حكاها لنا بعض الأشخاص.
مشاهد من الواقع
وصف لنا (م) دهشته عندما اكتشف أن زوجته بررت طلاقها بسبب عدم الإنجاب من جانبه والذي لم يكن من أسباب الانفصال، وإنما خلافات عادية بسبب عصبيتها وكثرة الكذب والمشاكل، ورغم أنه كان يود العودة لها، لكن عندما سمع هذا السبب أسرع إلى الزواج نكاية بها ولديه الآن طفلان، أما (ك) والتي تزوجت من رجل أجنبي بمجرد انفصالهما عنه وعدم عودتها إليه قام بنشر صورها على الشبكة العنكبوتية.
تجرد وتضحية
لكن تختلف الخالة (ح) التي انفصلت عن زوجها وبينهما عدد من الأطفال، لكنها لم تبرح منزل الزوجية خصوصاً وأن زوجها مغترب وكان يأتي بالإجازات وجعلت حياتها رهناً لأطفالها إلى أن اشتد عودهم وزواج آخر العنقود وبقائه معهم بالمنزل، وبعد سنوات عاد الزوج من الغربة لتقوم بتزويجه ممثلة بذلك أشد أنواع التضحيات.
التركيبة النفسية والاجتماعية
ولمزيد من التقصي رأت (المجهر) أن تضع أضرار إفشاء الأسرار على طاولة الطب النفسي لتجيب علينا الباحثة النفسية “إسراء حسنين” قائلة: إن إفشاء الإسرار يرفع درجة البغضاء ويشحن النفوس، لكن لابد لوجوده من أسباب وإن كانت غير مقنعة، فقد نستغرب إذا قلنا إن الحب الشديد والغيرة العمياء قد تذهب بأحد الأطراف إلى إطلاق شائعة تدمر شريكه حتى لا يرتبط بشخص آخر وبل قد تصل ببعض الزوجات إلى حد تسميم عقول الأطفال وهن يقمن بهذا السلوك رغبة منهن في استعطاف أطفالهن، وإنشاء مشاعر بأشياء سلبية تجاه الأب في محاولة منها للانتقام، متناسية أنها تخرج للمجتمع أجيالاً مضطربة، مكتئبة، عدوانية، فاقدة للأمان النفسي، وختمت “إسراء حسنين” هذا بأن التصرف إنما يرجع للتركيبة النفسية والاجتماعية والبيئة التي تربى فيها، فإذا كانت التربية مستندة إلى وازع ديني وأخلاقي فلا بد أن تكون قيم التسامح فيها هي السائدة، وبالتالي تتراجع لديهم النزعة الانتقامية والعكس صحيح، مطالبة الأزواج بأن يهدئوا من انفعالاتهم، فينسحب من حياة الآخر بكل احترام صيانة للعشرة التي كانت تجمعهما وحماية لنفسية أولادهما، وحتى يستطيع كل طرف أن يبدأ حياة جديدة، لأن التشهير المتبادل يدمر حياتهما معاً.
الإسلام والحفاظ على الأسرار
ومن الناحية الدينية فقد أجابنا الشيخ “محمد النور” قائلاً: لا يجوز لأي من الزوجين إفشاء أسرار العلاقة الخاصة، فالإسلام قد أحاط العلاقات الزوجية بسياج من القدسية، ويضيف: لا يشهر بزوجته إلا إنسان بلا أخلاق، فلا يوجد مؤمن سوي لديه مروءة ينشر أسرار زوجته وما حدث بينهما من خلافات حتى ولو أساءت إليه، فالحياة الزوجية تلزمهما بالاحترام المتبادل قبل وبعد الطلاق، فقد أوصى الإسلام بالحفاظ على الأسرار وما يخص العلاقات الخاصة، فعلى كل طرف أن يحافظ على سر الآخر ويحترم خصوصياته، فالإسلام دين العفة والكرامة يعتبر إفشاء الأسرار الزوجية سلوكاً قبيحاً.
وفي ختام حديثه دعا الشيخ “محمد النور” إلى حل المشكلات بهدوء بعد الطلاق عملاً بأمره تعالى (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).
المجهر السياسي