الأزمة الصدرية (الرَّبو) في الشتاء

الأزمة الصدرية (الرَّبو) في الشتاء
يسرني أن أسرد بعض المعلومات التثقيفية عن مرض يصيب الصغار والكبار وازدادت حالاته هذه الأيام بسبب التغيير في الطقس من هواء بارد إلى جاف مشبع بالأتربة، فتعالوا نتعرف عليه عن قرب وهو: ٭ الأزمة الصدرية (الرَّبو):

هو مرض صدري مزمن تصاب به الرئتان، حيث تضييق فيه مجاري الهواء التي تحمل الهواء من وإلى الرئة، وبالتالي التنفس، مجاري الهواء في الشخص المصاب بالربو تكون شديدة الحساسية لعوامل معينة تسمى المهيجات، وعند إثارتها بهذه المهيجات تلتهب مجارب الهواء وتنتفخ ويزداد افرازها للمخاط وتنقبض عضلاتها، ويؤدي ذلك إلى اعاقة التدفق العادي للهواء، وهذا ما يسمى بنوبة الربو.. و «يستخدم الشخص الذي يصاب بالنوبة عضلات الصدر بدرجة أكبر لكي تساعده في التنفس».. ويمكن ان يتكرر حدوث النوبة خلال ساعات بعد حدوث النوبة الأولى على الرغم من أن سبب الربو ما زال غامضاً، إلا أن هناك اسباباً عديدة أو مهيجات لحدوث الأزمة
.

٭ حسناً ما هي المهيجات.. وهل أثرها متساوٍ على كل الناس؟

– الهواء الذي نتنفسه يحمل معه الكثير من الاجسام الدقيقة كالغبار، وتأثير هذه الاجسام على الشخص العادي ينعدم اذا استنشقه خلال عملية التنفس، إلا أن مرضى الربو وبسبب زيادة تحسس الرئتين لديهم فإن هذه الاجسام تثير شعبهم الهوائية وتؤدي بالتالي إلى تهيجها وضيقها.

٭ ومن أمثلة هذه المهيجات الشائعة لدينا:

– هذه المهيجات تتفاوت بين المصابين بالربو، ولذلك من الضروري معرفة العوامل التي تحدث النوبة بالضبط.

٭ العوامل المثيرة للحساسية:

ريش أو شعر الحيوان، الغبار يوجد أيضاً في السجاد والمكيفات والنوافذ التي لا تنظف دورياً، الأطعمة مثل الفول السوداني والسمك والبيض.

٭ المثيرات في الهواء:

– دخان التبغ من السجائر أو الغليون أو الشيشة، دخان الشواء بالفحم، رائحة البوهية «الطلاء»، الوقود والملوثات مثل عوادم السيارات ومداخن المصانع والعطور النفاذة.. الطقس الهواء البارد والجاف والرطوبة العالية والتغيرات المفاجئة في الطقس، الرياح والأمطار تعمل على نمو الفطر واللقاح، وايضاً الأبخرة والبخاخات من منتجات التنظيف.

المرض: الإلتهابات الفيروسية مثل الرشح والأنفلونزا والتهاب الحلق، والجيوب الأنفية، تعتبر من المهيجات الشائعة للربو عند الأطفال خاصة.

التمارين الرياضية: هي مهيجات شائعة للربو وخاصة بعد التمارين العنيفة وخاصة الجري لمسافات طويلة وكرة القدم.

٭ التغيرات العاطفية والانفعالات النفسية:

يمكن أن تتسبب في أعراض الربو مثل البكاء والخوف والصِّراخ.

بعض العقاقير مثل الآسبرين، بعض العقاقير التي تعالج ضغط الدم، الصداع النصفي، والمياه الزرقاء.. الخ.

٭ بعض العوامل البيئية:

خاصة دول الخليج العربي، حيث تلعب عوامل الرطوبة واستعمال المكيفات دوراً كبيراً في حدوث النوبات، كذلك وجود بعض الحشرات مثل الفراش المنزلي «العث»، حيث يتواجد في المخدة «الوسادة» أو السجاد والموكيت، كذلك تربية بعض الحيوانات ذات الفراء كالكلاب والقطط.

{ سؤال يتبادر للذهن: ماذا يحدث من التغيرات المرضية التي تحدث اثناء نوبة الربو أو بعد تعرضك للمهيجات؟

– ضيق بالشعب الهوائية نتيجة لتقلص العضلات الملساء المحيطة بها.. إفراز مخاط ثخين ولزج، احتقان والتهاب بجدار الشعبيات والممرات الهوائية.

٭ ما هي أنواع الربو وكيف تصنف؟

1. ربو خارجي المنشأ «يثار من الحساسية»:-

اكثر انتشاراً بين الأطفال والمراهقين، وعادة يختفي مع الزمن، ومع اختفاء العوامل المثيرة للحساسية، فعندما يتعرض المصاب بالربو للمرة الأولى للعوامل المثيرة للحساسية، ينتج جهاز المناعة كميات غير عادية من الأجسام المضادة وتسمى الامينو جلوبين «E» وهو الجسم المضاد الذي يسبب أعراض الحساسية، وتتراكم هذه الخلايا في الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي وعند التعرض الثاني للعوامل المثيرة للحساسية يتم اطلاق الهيستامين والوسائط الكيميائية الالتهابية، التي تؤدي إلى انبعاث المزيد من المخاط في الشعب الهوائية وتؤدي إلى تشنجها. ويتميز هذا النوع بوجود تاريخ وراثي للحساسية في العائلة، ومظاهر أخرى للحساسية مثل حساسية الأنف والعين والجلد.

2. ربو داخلي المنشأ- لا يثار بالحساسية:

يحدث عادة عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 3 سنوات، وعند البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 03 سنة.

والسبب الأساسي قد يكون الإلتهابات الفيروسية أو العوامل المثيرة للحساسية أو التمارين الرياضية أو الهواء البارد، إلى غير ذلك من العوامل الأخرى، وأيضاً يطلق فيها وسائط كيميائية، مما يؤدي إلى حدوث نوبة الربو، وهذا النوع لا يوجد فيه تاريخ وراثي للحساسية في العائلة، وغير مصحوباً بمظاهر حساسية أخرى.

٭ هناك تقسيم حديث للربو على حسب الأسباب وهي:

– الربو المهني: كما في ربو عمال مصانع الغزل والنسيج، وعمال الأسمنت وزارعي القطن، وهنا لتحدث الاصابة لابد من وجود استعداد وراثي لها.

– الربو التحسسي: نتيجة لتعرض المريض للغبار والعث المنزلي.

– الأمراض التنفسية المتكررة مثل التهاب اللوزتين.

– الربو الدوائي الذي يثار بالأسبرين ومشتقاته.

– الربو بعد التمارين الرياضية وخاصة عند الأطفال.

– ربو تغيرات العوامل الجوية.

– ربو سن اليأس عند الناس في الخمسين عاماً.

٭ ما هي أشكال الربو وما هي أعراضه بصورة عامة:

هناك هجمة الربو العادية: قد تأتي في منتصف الليل أو في الصباح الباكر غالباً تبدأ بتسرع التنفس بصوت مسموع، ثم يستيقظ المريض من النوم وهو في حالة ضيق تنفس شديد وأزيز، فيحاول أن يأخذ الأوضاع المريحة له بالجلوس في الفراش أو الركض لفتح الشباك أو الباب ويستنشق الهواء، وبعد فترة بسيطة يبدأ بالسعال وإخراج البلغم ويشعر بالراحة تدريجياً بعد إخراجه، ثم تزول بعد استعمال الدواء ويعود للنوم، وفي حال عدم استعمال العلاج تصبح النوبات بشكل يومي ومتقاربة.

– الحالة الربوية: هي عبارة عن هجمة ربو تستمر لأكثر من 6 ساعات وتبدأ تظهر على المريض الزرقة في لون الشفاه والجسم، بالإضافة لغياب الوعي وهي حالة خطيرة تصادف عند الأطفال والبالغين، وقد تؤدي لموت المريض، ويجب أن يعالج في المستشفى حالاً وباسرع وقت.

٭ ما هي أعراض الربو:

تختلف من شكل لآخر، وتختلف كذلك في حدتها وتشمل:

سعال، أزيز «صوت صفير أثناء الزفير»، صعوبة في التنفس، انقباض في الصدر، زيادة في أفراز المخاط واتساع حواف فتحتَّي الأنف.

هناك علامات أولى قد تحدث لمريض الربو قبل حدوث الأعراض كإنذار ليأخذ حذره.. منها:

– سعال مستمر لا يتوقف خاصةً أثناء الليل.

– ضيق شديد أو بسيط في التنفس.

– الشعور بإرهاق أثناء الرياضة ووجود الأزيز.

– الشعور بأعراض نزلة برد، التهاب الجهاز التنفسي العلوي «العطس» سيلان في الأنف واسهال.

– الأرق في بعض الأحيان.

٭ معلومة:

الأزيز: هو صوت يحدث عندما يمر الهواء في المجاري التنفسية الضيقة، بفعل الانتفاخ والمخاط والتقلص الشعبي، وهو دلالة على صعوبة التنفس، أما إذا تطورت حدة النوبة، قد يختفي الأزيز وهي حالة خطيرة للغاية بعكس ما يعتقد.. أي- الهواء لا يتحرك داخل أو خارج الرئتين.

هناك عدة طرق لتشخيص الربو، ولكن العلاج المبكر للربو هو هدف لعدة اعتبارات منها: التخلص من أعراض الربو ليلاً ونهاراً. عدم تطور الحالة لتصبح حالة حرجة تحتاج للإسعاف. عدم إعاقة النشاط اليومي للمريض. التخلص من استعمال بعض الأدوية الموسِّعة للشعب بشكل متكرر.

٭ الوقاية خير من العلاج:

هنا في الربو يمكننا القول بأن الوقاية خير وسيلة للعلاج، وعلى الرغم من أن علاج الربو مستمر منذ زمن طويل، إلا أن الشفاء منه ما يزال بعيد المنال، فعلى الشخص المصاب بالربو أن يتعرف على الظروف التي تثير نوبة الربو وتجنبها ما أمكن ذلك، مثل عدم تناول الاسبرين أو أي أدوية من غير استشارة الطبيب، وتجنب الهواء البارد وعدم التدخين، والابتعاد عن الغبار، والانفعالات النفسية بقدر الإمكان، إلى غير ذلك من المهيجات السالفة الذكر، بالاضافة لعلاج أي حالة التهابية في الشعب الهوائية باعطاء المضاد الحيوي المناسب.

الأدوية: أهم طريقة لاعطاء أدوية الربو عن طريق الاستنشاق والبخاخات بأنواعها المختلفة، لأنه يعمل على توصيل الدواء بشكل مباشر إلى الرئتين.

تكمن معظم مشاكل البخاخات في عدم الاستخدام الصحيح من قبل المريض، فمعظم المرضى لا يعرفون الطريقة المثلى التي تعطي الجرعة كاملة للرئتين، وبالرغم من ذلك لا يسألون الاطباء أو الصيادلة عن الطريقة المثلى لاستخدام البخاخات.. ومن أهم الأدوية: موسعات الشعب الهوائية مثل الفنتولين «سالبيوتامول» ويوجد على شكل أقراص بتركيز مختلف، وعلى شكل بخاخ وكذلك رذاذ، والموسعات تعمل على ازالة هجمة الربو مؤقتاً ولكنها لاتستخدم في الوقاية لمدة طويلة.

٭ مشتقات الكوريتزون (العلاج الوقائي):

وتوجد في شكل بخاخات، أقراص، محاليل وريدية.. واستخدام «الكورتيزون» عن طريق البخاخ لا يؤدي لحدوث الأضرار المعروفة للكورتيزون، ومضاره محدودة جداً ونادرة الحدوث، وهي حدوث بحة في الصوت، وبعض الالتهابات الفطرية في الفم، والتي يمكن تجنبها بمضمضة الفم وغسله بالماء، بعد كل استعمال لبخاخ الكوريتزون. أما أقراص «الكورتيزون» والمحاليل الوريدية منه، تستعمل فقط في الأزمات الحادة والحالات المتقدمة فقط بواسطة الطبيب المعالج. هناك عدة أنواع من موسعات الشعب الهوائية، كما أن البخاخات توجد في عدة أنواع، منها آحادية الجرعة وذات الأقراص.. الخ.. هناك مقولة شائعة عند معظم المرضى المصابين بالربو وهي «أنهم لا يريدون» إستعمال البخاخ حتى لا يتعودوا عليها، لأنها خطرة وتؤدي لمرض القلب، وأنها وصمة للمريض.. وهذا اعتقاد خاطيء تماماً، لأن تركيز المواد المعالجة سواء كانت وقائية أو موسعة في البخاخ توجد بتركيز لا يذكر، كما انها تعمل في الرئتين فقط ولا تستمر في الدم، لذا فهي مفيدة اكثر. لكم أن تعلموا ان الربو مرض يمكن التكيف معه اذا اتبعت الطرق الصحيحة في الوقاية والعلاج، لذا أهم خطوة في العلاج هي استخدام البخاخ الواقي بشكل منتظم بالجرعة المطلوبة، أما البخاخ الموسع يمكن ان يستخدم عند حدوث أعراض الربو، واذا لم يستخدم البخاخ بطريقة سليمة، فإن الفائدة المرجوة منه تكون محدودةً. يجب مراجعة طبيبك من فترة لأخرى لعمل الكشف وتقدير الحالة العامة. يمكن لمريض الربو ممارسة الرياضة وخاصة السباحة، ولكن يجب استخدام البخاخ الموسع للشعب الهوائية بـ«ربع ساعة» قبل الرياضة.

يمكن استخدام البخاخات في حالة الحمل والرضاعة.

ملحوظة: ما سبق ذكره عن الحالة العادية لمريض الربو، ولكن قد تسوء الحالة بنوبة الربو الحادة وعلاجها يحتاج لنقل المريض للمستشفى سريعاً ويعطي أوكسجين «نيبو لايزر» يحتوي على مواد موسعة للشعب، ومحاليل وريدية من كورتيزون ومضادات حيوية، وقد تسوء الحالة إلى أن تصل إلى التنفس الصناعي، وبذلك تكون الرئتان قد فقدتا وظيفتهما تماماً.

د. عبير صالح حسن صالح
صحتك بالدنيا – صحيفة آخر لحظة
[email]lalasalih@ymail.com[/email]

Exit mobile version