غير الوووووووووووواوات دي يخربنا

لفت نظر العبدلله تصريحاً صحفياً أدلي به السيد وزير العدل بالبرلمان مؤخراً حذر فيه مولانا محمد بشارة دوسة من التباطؤ في الإجراءآت القانونية حول قضايا شهداء سبتمبر، وقطع بمتابعته للقضايا عبر اللجنة المكونة من وزارته، داعياً إلى التبليغ الفوري عن أي تأخير إلى وزارة العدل .
ما أن أكمل العبدلله قراءة التصريح حتى تذكر رسماً كاريكاتورياً في ستينيات القرن الماضي لرسام الكاراكاتير المبدع الراحل عزالدين عثمان وقد كانت رسوماته عليه رحمة الله محببة لقلوب وعقول المواطنين إذ أنها كانت ذات خطوط بسيطة تتميز بمقدرتها على التعبير عن الواقع المعاش فى الحياة في أسلوب ساخر عميق .
كان الكاراكاتيرالمذكور يناقش مشكلة تأخر الفصل في القضايا لسنوات ويظهر الكاريكاتير (معلن محكمة) أمام قبر في إحدي المقابر وقد (تكل عجلتو) على أحد الشواهد وأمسك بورقة في يده (إعلان محكمة) يتلو ما فيها على (المرحوم) : بهذا أنت مكلف بالحضور لجلسة يوم كذا الساعة كذا !
ما لفت نظر العبدلله كون أن هذا التحذير صادر من (وزير العدل) وليس أي شخص آخر .. وزير العدل الذي من مهام وزارته تعزيز دور القضاء بما يكفل أداء رسالته في إقامة العدل بين الناس وحماية حقوقهم، ومراقبة سير العمل القضائي والإجراءآت القانونية بما يحقق سلامة تطبيق القوانين وإرساء العدل بين الناس .
يا ترى هل يحذر السيد وزير العدل نفسه أم يحذرنا أم يحذر موظفيه ومنسوبي وزارته ؟ من يحذر السيد الوزير؟ (بالله العارف يقول لينا) ، عموماً إن كان السيد وزير العدل يرى بأن التباطؤ في إقامة العدل حتى يراه الناس يقلل من (هيبة الدولة) ويقلل من إشاعة الطمأنينة بين الناس ويحذر من ذلك فنحن نتفق معه تماماً ونهديه هذا (المقطع الإسلامي) للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي قام بوضع مبادئ أساسية للحكم وإدارة الدولة بيان بالعمل (وليس بالتصريحات) عبر تطبيقات صارمة على أرض الواقع يراها كل مواطني الدولة الإسلامية من أجل أن تسود العدالة الإجتماعية والمقطع المعني هو واقعة عمرو بن العاص والي مصر عندما ضرب ابنه شخصاً (قبطيا) فاز عليه في سباق خيل، وعندما اشتكى القبطي إلى عمر بن الخطاب، (لم يتقل) رضي الله عنه )الملف( عشان ود الوالي بل أمر (بن الخطاب) رضي الله عنه بإحضار ابن عمرو بن العاص (ومعاهو أبوهو الوالي ذاااتو) إلى المدينة، وكان الحكم أن يقتص القبطي من ابن عمرو، إلا أن الخليفة أمر القبطي قائلا له: دونك الدرة فاضرب بها ابن الأكرمين. وبعد أن ضربه قال له الفاروق أجلها على صلعة عمرو، فو الله ما ضربك ابنه إلا بفضل سلطانه.
أهو ده الشغل .. وده العدل الذي نريد يا سعادة الوزير وهذا هو مقطع صغير من مقاطع كثيرة حفل بها تاريخنا الإسلامي حيث كان العدل يمارس على الهواء مباشرة والعدالة تطبق حتى على أبناء الأكرمين (والأكرمين ذاااتم) .نحن من هذا المنبر نحيي السيد وزير العدل على تصريحه الذي يدل على حرص سيادته الشديد في عدم التباطؤ في تحريك الإجراءآت القانونية وطالما أن سيادته قد دعا في تصريحه إلى التبليغ الفوري عن أي تأخير إلى وزارة العدل فها نحن نقول له كما قال عمنا (المرضي الترزي) لكسار الحطب .. فعمنا (المرضي) كثير الصمت وإن تكلم تخرج منه الطرفة والحكمة .. كان له دكان (ترزي بلدي) في أب روف في مواجهة (النيل) .. أمام دكانه سبيل ماء به عدد من (الأزيار) .. كانت السيجارة (البرنجي) لا تفارق يده إلا عندما يضعها على حافة (مكنة الخياطة) مجبراً ثم يعود لها مجدداً .
في ظهيرة يوم غائظ الحر .. جاء أحد الأعراب الذين (يلفون في الأحياء) عارضين خدماتهم في تكسير الحطب .. جاء الإعرابي وقد أضناه العطش (من الحوامة) فأدخل يده في كل الأزيار ولما لم يجد بها ماء قام بسؤال (عمنا المرضي)
– ما عندكم موية؟
فقام عم (المرضي) بوضع سيجارته على حافة المكنة في هدوء وأجابه :
– غير دا (وهو يشير إلى النيل) يخربنا !