مداخلات ذات قيمة مقدرة جاءت للتعليق على مقالاتي عن جدوى السجون بوضعها الحالي لشرائح من معتادي الإجرام الذين تحول السجن عندهم من عقوبة لمكافأة ومن مكان للإصلاح إلى مقر لتبادل الخبرات الإجرامية.
أمس تحدثت الصحف عن لص قام بسرقة موبايل قاضٍ بمجمع محاكم كرري غير مكترث لما يترتب عن ذلك. اللصوص أصبحوا أكثر جرأة في طرق سرقتهم واختيار أهدافهم!!
اسمحوا لي بعرض مداخلتين الأولى للأستاذ المبدع المعروف/ طارق الأمين والثانية لضابط شرطة سابق:
فجرت مقاﻻت الأستاذ ضياء الدين بلال في ذاكرتي كثيراً من الجدل القديم المتجدد حول فلسقة العقوبة وأهدافها في القوانين فعادت بي الذاكرة للعام 1990
وكنت حينها طالباً بكلية الحقوق بجامعة القاهرة بالخرطوم متتلمذاً على يد الكثيرين أذكر منهم الآن الدكتور المصري أحمد شوقي أستاذ القانون الدستوري وحكى في مطلع كتابه في ذلك العام قصة واقعية كان أحد شهودها حكاها كما يلي:
بينما كان أستاذنا الدكتور يقطع المسافة بين شرق الخرطوم حيث يسكن إلى غربها حيث مباني الجامعة وهو سائراً على قدميه في صباح شتوي كما وصفه للحاق بعمله ,قال إنه تفاجأ في ذلك الصباح ببعض الصبية المشردين وهم منهمكون في الأكل والبحث عن المزيد من الطعام داخل أحد مكبات النفايات أو مانطلق عليه نحن السودانيون (كوشه) وقال إن الأمر لم يكن شديد الإدهاش بالنسبه له فقد شاهد مناظر مشابهة في عدد من الدول التي زارها ووقف يشاهد في الحدث متأملاً كعادته.
المشهد التالي من القصة هو الذي أدهش أستاذنا الدكتور.فقد تصادف أن مرت دورية الشرطة واتجهت إلى حيث أولئك الصبية المشردون وقد أدهشه سعادتهم بحضور الشرطة وعدم مقاومتهم لها واستسلامهم لرجالها فرحين باسمين.
إلى هنا والأمر بدا له غريباً، ثم تصادف وجود مجموعة أخرى من الصبية المشردين كانت تراقب هذه الأحداث وحين وجدت أن الشرطة تصطحب رفاقهم هرولوا فرحين للانضمام لركب المقبوضين .غير أن الشرطة ولسعة العربة البوكس المحدودة قررت عدم استصحاب المنضمين الجدد لركب الصبية المقبوض عليهم.
وما كان من المجموعة الجديدة إﻻ أن قامت بمطاردة عربة الشرطة، وهم يتوسلون لهم بالقبض عليهم مع زملائهم.والشرطة تمتنع ويفرقهم رجالها بالسياط وتهرول بعيداً بسيارتها هرباً من إلحاحهم وهم يركضون نحوها ليلحقوا بها.
هنا أيقن أستاذنا الدكتور أن بالأمر عجباً.جاءنا محتاراً وازدادت حيرته حين اطلعناه على نص القانون السوداني الذي يجرم التشرد ويعاقب عليه بالسجن
صاح فينا.العقوبة هنا أصبحت جائزة.تأخر التنمية تحول العقوبة لجائزة.عليكم بالتنمية أوﻻً فلا قانون بلا تنمية.وقرر أن يبتدر نظريته الجديدة ودراسته حول القانون والتنمية، والتي صار في مابعد أستاذاً لها بالجامعات الأمريكية..
بلا تنمية تتحول العقوبات إلى جوائز وما السجون إلا جوائز لبعض القابعين تحت خط الفقر والجوع ونقص النماء فأي إصلاح نبتغي.
.تحياتي ضياء بلال
*الأستاذ / ضياء الدين بلال
أشير لما نشر في الصفحة عن السجون، كانت السجون التي في الماضي مكان تهذيب وإصلاح وبها برامج للتدريب المهني لتأهيل النزيل وليس السجين مهنة تمكنه من العمل بعد انتهاء مدة خدمته بمجرد نظرة للساحة غرب كبري القوات المسلحة، وهو المكان السابق لمزرعة وورشة الحدادة والنجارة التابعة له تكفي مضافاً للإلغاء كلية ضباط السجون ومراكز تدريب ضباط الصف والجنود والتي كانت تؤهل ضباط السجون والأفراد بدروس اجتماعية إصلاحية مضافاً لبرامج أخرى تؤهله ليكون مصلحاً اجتماعياً.فمن يقوم بإدارة السجون حالياً هم ضابط شرطة وأفراد تم تدريبهم على مناهج مكافحة الجريمة وتنفيذ القانون والله أعلم.
مكى محمد بابكر
ضابط شرطة (م)
(أرشيف)
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني