وتنكر السعودية والكويت اي دور لهما في انهيار الاسعار التي فقدت 60 في المئة من قيمتها منذ يونيو/ حزيران 2014، بسبب زيادة الانتاج، خاصة النفط الصخري في الولايات المتحدة، وتراجع الطلب في أوروبا وآسيا تحديدا.
وتفيد الهيئة الأمريكية للمعلومات النفطية بأن العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي جعلت صادراتها تتراجع من 2.5 مليون برميل يوميا عام 2011 إلى حوالي مليون برميل يوميا. وعوضت إيران خسائر تراجع صادراتها بارتفاع الأسعار، ولكن الوضعية تغيرت الآن.وأشار روحاني في خطابه إلى تبعية اقتصاد السعودية والكويت إلى صادرات النفط.
ولا يمكن هنا التقليل من اهمية تصاعد التوتر الى حد التهديدات العلنية، كما لا يمكن تجاهل ان اندلاع حرب الخليج في العام 1990 جاء بعد خلافات بشأن اسعار النفط ايضا.
وتظهر البيانات الاقتصادية أن 80 في المئة من ميزانية السعودية ترتكز على إيرادات النفط، بينما يصل اعتماد ميزانية الكويت على النفط إلى نسبة 95 في المئة.
وشكلت مبيعات النفط في عام 2013 نسبة 90 في المئة من إيرادات السعودية و92 في المئة من إيرادات الكويت.
وفي المقابل، فإن ثلث ميزانية إيران فقط تعتمد على مبيعات النفط، ويشكل نسبة 60 في المئة من صادرات البلاد، حسب روحاني.
وقررت منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) عدم خفض الانتاج لدعم الأسعار. وتقول السعودية إنها قادرة على تحمل تبعات انهيار أسعار النفط، وأعلنت برامج نفقات ضخمة هذا العام.
وعلى الصعيد الاقتصادي تجادل السعودية بأن الامر لا علاقة له باستخدام النفط كسلاح سياسي، وانها محقة في رفض خفض انتاجها سعيا الى الحفاظ على حصتها من السوق في مواجهة المنتجين الثانويين الذين يعتمدون على النفط الصخري، ويبدو ان استراتيجيتها تقوم على اخراج هؤلاء من السوق عبر السماح بهبوط الاسعار الى حد لا يستطيعون معه مواصلة الانتاج.
الا انه من الناحية الجيوسياسية لا يمكن تجاهل ان الانهيار في اسعار النفط يوفر ورقة ضغط قوية للسعودية ضد ايران وروسيا باتجاه دفعهما الى اعادة النظر في سياساتهما في عدد من الملفات الاقليمية وعلى رأسها سوريا. وبالفعل فقد ساهمت اسعار النفط في تعميق ازمة الاقتصاد الروسي مع انهيار الروبل مؤخرا، وهو الذي فشلت موسكو في انقاذه حتى بعد ان رفعت سعر الفائدة الى 17 بالمئة.
وبغض النظر عن حقيقة ما يحدث في سوق النفط، فانه يضيف بعدا جديدا الى صراع اقليمي يعصف فعلا بمنطقة الخليج، ومن ورائها الشرق الاوسط.
وحتى اذا كانت الاعتبارات الاقتصادية تستند الى حقائق واقعية في سوق النفط، فان الهيمنة ستكون غالبا للحسابات الجيوسياسية في معالجة هذا التصعيد الجديد للاحتقان على ضفتي الخليج. فايران قد تكون قوة نووية اقليمية مهمة، لكن «ايران النفطية» مازالت في مرمى السعودية القوة الاكبر في سوق النفط العالمي.
لكن على عكس السعودية التي اصبحت تملك خيارات محدودة، ابرزها سلاح النفط، فان الرئيس الايراني يستطيع ان يستخدم اوراقا عديدة بدءا من تحريك الحوثيين على الحدود الجنوبية للسعودية، مرورا بتعطيل التقارب بين بغداد والرياض، وليس انتهاء بزيادة الدعم لنظام بشار الاسد، ودفعه الى التشدد في مفاوضات تجميد القتال التي يقودها المبعوث الاممي دي مستورا.
وفي المقابل فان الرياض تأمل ان تجد ايران نفسها مضطرة الى تسريع التوصل الى اتفاق مع الغرب في المفاوضات بشأن برنامجها النووي لوقف النزيف الاقتصادي، لكنها سياسة لا تخلو من مخاطرة، اذ قد ترجح كفة المتشددين في طهران، ما قد يصلب موقفها في المفاوضات النووية لاجبار الغرب على التدخل لدى السعودية منعا للوصول الى حافة الهاوية.
وعلى اي حال، وبغياب حوار جاد بغية التوصل الى «صفقة شاملة» لن يغيب عنها النفطي والنووي والاقليمي، وعلى وقع حرب جديدة ضد «الارهاب» تأمل طهران ان تعظم الاحتياج الغربي الى تعاونها، وبالتالي تعزز من نفوذها الاقليمي، تبقى المنطقة مندفعة نحو هوة خطيرة من الصراعات الجيوسياسية وربما العسكرية والامنية ايضا.
م.ت
[/FONT]