صلاح الدين عووضة: وليتني كنت (كسرة) !!

استوقفني تحقيق صحفي عن السوداني صاحب مطعم (الخرطوم) بالقاهرة..

*شعرت بأن ثمةً شيئاً ما يربطني بالشخص هذا رغم إنني لم أره في حياتي..

*أو رأيت فقط صورته المنشورة مع التحقيق بمعية زوجته..

*فقد استرجعت ذاكرتي فترة قضيتها بالقاهرة قبل سنوات عديدة خلت..

*كان ذلك قُبيل ظهور الإنقاذ ونشوة المشاركة في الانتفاضة لا تزال تغمرني..

*كنت شاباً مفعماً بالطموح الذي أهلني إلى النجاح في وظيفتي قفزاً فوق المراحل..

*وفوق ذلك أستشعر لذة التقيد بأناقة مجال عملي حتى في أيام الإجازات..

*حللت بشقة (فرضها) علي بعض معارفي في المهندسين حيث يقيمون هناك لسنوات طوال ..

*أخبروني بنوع المداعبة التي كانت تجري بينهم وبين مستأجرها السوداني قبلي..

*كانوا يقولون له ضاحكين (من صلاح كِسرة لصلاح قشرة)..

*فهو كان يعمل في صناعة الكسرة ويتأهب للانتقال إلى شقة أخرى بـ(وسط البلد)..

*أما (صلاح قشرة) فهو اللقب الذي أطلقه علي معارفي هؤلاء في مقابل (صلاح كسرة)..

*وما كان يغضب هو من المقارنة (اللفظية) هذه وإنما يرد عليهم ضاحكاً (ح تشوفوا) ..

*وفعلاً (عشنا وشفنا) ما صار إليه كسرة – الآن – وما انتهى إليه حال (قشرة)..

*فذاك نمت (كسرته) إلى أن أضحت – حسب التحقيق – مطعماً ناجحاً..

*وهذا (اتكسر) تحت عجلات (التمكين) دافعاً ثمن مواقف لا يلقي إليها بالاً سميه ذاك..

*وتجسد حالتي حالات الألوف مثلي من (وطنيي) بلادنا..

*ولا أعني من ينتمون إلى (الوطني) وإنما الذين تكسرت على دروع (وطنيتهم) سهام التدجين..

*ولأن ذاكرة شعبنا (خربة) فلن نُفاجأ إن رأينا – غداً – بعض بائعي مواقفهم يدعون البطولات..

*بل نحن نرى بالفعل – الآن- نفراً من قابضي الثمن يقفزون نحو خانة المعارضة بعد (لفظهم)..

*ثم يلعنون الذين ذابوا فيهم – حيناً- وجيوبهم ترتج من أثر (الذي قبضوه) منهم وهم شاكرون..

*وما زلت أعجب من (بجاحة) سادن مايوي يصر على أن هدفه كان التقويض من الداخل..

*والذي يدعو أمثال هؤلاء إلى التذاكي علينا – ربما – (ريالة) يرونها تسيل من جوانب أفواهنا..

*و(قنابير) تتمايل فوق رؤوسنا تُغري باللعب على الحبلين..

*فنحن – في نظرهم – شعب (طيب) و(نساي) و(على نياته)..

*أما (الريالة) التي أتحسر عليها الآن فهي تلك التي كان يمكن أن تسيل من أفواه رواد مطعمي..

*ذلك في حال كنت مشيت في سكة صلاح الآخر عقب (التمكين)..

*وصرت (صلاح كسرة) .

صلاح الدين عووضة- الصيحة

Exit mobile version