وأحمد واحد من ملايين المشجعين المتعصبين، الذين يفقدون أصوتهم جراء الصراخ أثناء مشاهدة منافسات الدوري المحلية أو العالمية، أو يتلقى ويوجهون لكمان لبعضهم البعض أو يتقاذفون بالكراسي فيشجون (قفا) المشجع المناوئ أو جبينه، أو يتفادى كوب شاي ساخن هذا حال مشجي الرياضة المتعصبين على الدوام، لذلك يعد التعصب الرياضي مرضاً نفسياً يجب معالجته حتى لا يضر نفسه والآخرين، ما هي أسبابها؟، وهل هم على دراية بذلك؟
مشاجرة واعتداءات
بابتسامة باهتة بدت على وجهه قال إسماعيل سمير (عامل) إن التعصب ينتج دائماً من رد فعل لشخص. وأشار إلى أن هناك مجموعة من الشباب ينتهجون أساليب غير مرضية، الأمر الذي أدى إلى غياب التشجيع الهادف والممتاز. وأضاف أن زيادة وتيرة الخلاف بين المشجعين وتطورها إلى حد المشاجرة والاعتداءات هو سلوك غير أخلاقي ومشين، ويسيئ أيضاً للرياضية والرياضيين. وقال إن هناك مجموعة من الشباب لا يتحلون بالأخلاق والروح الرياضية المطلوبة، ويعملون على إثارة الشغب والفوضى داخل الاستاد فضلاً عن ميلوهم للعنف الذي يتسبب في إحداث الكثير من الخسائر الفادحة في الأرواح أو بإفساد الأندية الرياضية وتخريبها، ولفت إسماعيل إلى أن هناك مشاعر مكبوتة لدى بعض الأشخاص الذين لا يستطيعون التعبير عنها إلا من خلال المباراة والانفعالات المبالغ فيها، ودرجة الحماس الزائد تؤثر في سير المباراة سلباً، وأن السلوك المتعصب ناجم عن عدم مقدرة الفرد التحكم والسيطرة على نفسه، وبالمقابل أن هناك فئة من الشباب تكتفي بالمشاهدة والانفعال الإيجابي بعيداً عن العنف، معتبرين أن ذلك الأسلوب الأمثل والناجح للتشجيع.
انطباع سيئ
وترى سلوى أمين (طالبة) أن التعصب يمثل مشكلة حقيقية، يجب أن يجدوا لها حلاً، لاعتقادها الجازم بأنها ستدخل المجتمع في دوامة صراعات وتفلتات يصعب القضاء عليها. وأضافت: يمكن أن يُمارس التشجيع وفقاً للمبادئ والقيم التي يتمتع بها المجتمع حتى يتمكنوا من الوقوف بجانب الفريق ويتعاطفون معه بهدف المؤازرة ودعمه في الفوز والخسارة والدفع به إلى الأمام بدلاً من سحبه إلى القاع، لذلك ينبغي أن يكون التشجيع بصورة حضارية وثقافية تعكس سلوكنا ولا تخرج عن أجواء المباراة، خاصة وأننا نشارك الأندية الخارجية من خلال المنافسات مع الأندية المحلية والمنتخب، فمن المفترض أن نعكس لهم تلك الروح الطيبة، مع مراعاة ترك صورة نقية عن المجتمع ومسح أي صورة سالبة تسيئ لنا ولبلدنا ولكورتنا السودانية.
ولفتت إلى أن الأندية الخارجية التي منع جمهورها من مشاهدت المباراة داخل الاستاد أحدث تشويشاً عالياً أثار حنق الكثيرين، وتقول إن هذا السلوك يعد عدم احترام للقواعد الرياضة ولا تمت للأخلاق الرياضية بصلة، وترى اتباع الأساليب الهمجية الغريبة المتمثلة في إشعال النيران والرمي بالحجارة، تعرقل سير المباراة وتأتي بانطباع سيئ على المستويين الإقليمي والدولي.
غرس للكراهية
لفتت أميرة الريح – ربة أسرة – إلى أن التشجيع اختلف عن السابق كثيراً، واعتبرت أن الكرة فن وإثارة ممتعة يجب أن يتبع فيها أسلوب الأدب والذوق. وأوضحت أن هناك نوعاً من المشجعين وصفتهم بالمجانين ليست لهم أي علاقة بمفاهيم الكرة وبعيدين كل البعد عن الرياضة. وأشارت إلى أن عملية الشحن الزائد تتصاعد أثناء سير المباراة ونهاياتها، فتزداد نار الحماس المفرط بين المشجعين وقد تصل إلى درجة العنف وإغلاق الطرق وعرقلة السير، غير أن التعصب يعمل على غرس الكراهية بين المشجعين.
تشجيع من المنزل
أبدت سهيلة الفاتح (طالبة) ضيقها من تشجيع الفتيات للفرق الرياضية عبر الهتاف بصوت عالٍ من داخل الاستاد. وقالت إن التشجيع اللافت للنظر الذي يحمل في طياته التعصب مرفوض تماماً، لكن لا ضير من أن تتابع المرأة المباريات عبر تلفاز المنزل مع التشجيع بأدب واحترام متقيدين بعاداتنا وتقاليدنا السمحة.
تشجيع همجي
أشارت الباحثة الاجتماعية مروة عبد الرازق إلى أن هناك الكثير من العادات السالبة التي طرأت على مجتمعنا السوداني، لاسيما العنف الرياضي الذي يحدث داخل ملاعب كرة القدم. وقالت إن ذلك التعصب والتشجيع الهمجي يقود إلى العنف الذي دائماً ما ينتهي بأسوأ النتائج، غير أنه يحدث مشاكل كثيرة بين الأسر، ويفرق بين أصدقاء العمر، لذلك هو من أخطر الأشياء التي طرأت على المجتمع لأنها تحدث تفكك مجتمعي.
وأرجعت مروة تلك العادات الدخيلة على المجتمع السوداني إلى انتشار وسائل التكنلوجيا من انترنت وقنوات فضائية، فضلاً عن المحمول الذي ساهم بشكل أكبر من خلال تطبيقاته الذكية الذي جعلت من العالم أصغر من قرية صغيرة.
اليوم التالي
خ.ي