يحكى أن إحدى الطبيبات السودانيات المتعاقدات مع وزارة الصحة بإحدى الدول الخليجية، تعرضت قبل أيام لحادث غاشم من أحد المراجعين، فقد داهمها هذا الرجل أثناء فترة راحتها في غرفة استراحة الأطباء، ودخل معها في مشادة كلامية انتهت بأن نزع عقاله من رأسه وانهال عليه ضربا مبرحا بعد أن حاصرها داخل الغرفة الضيقة، ولولا صراخها ونجدة زملائها لقضى عليها الرجل دون شك. الحادثة في مستشفى بدول الاغتراب، لكن حوادث أخرى مشابهة له تحدث كل يوم للطبيبات السودانيات (خاصة طبيبات الامتياز صغيرات السن)؛ يتعرضن خلالها لعنف جسدي ولفظي من مرافقين أجلاف يظنون أن الحياة أو الموت بيد الطبيب/الطبيبة، وبالتالي هو المسؤول عن كل ما يحدث لهذا المريض، وإن جاءوا به بعد فوات الأوان.. لكن القضية هي الاعتداء على البنت السودانية، التي خرجت للعمل الكريم بحثا عن رزق يقيها وأسرتها ذل السؤال.
قال الراوي: أما الحادثة الأخرى والخطيرة التي تدعو (بالجد) للانتباه ومراجعة الظروف التي تواجه البنت/ المرأة السودانية وهي تخرج للعمل داخل السودان أو خارجه هي ما يتم تداوله هذه الأيام من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لمقطع فيديو تبين تعرض إحدى الفتيات لحادثة اغتصاب جماعي بشعة شارك فيها مجموعة من الشباب، أقل ما يمكن أن نصفهم به أنهم (وحوش) بشرية تفتقد للحس الإنساني وللقيم.. الحادثة حدثت داخل السودان، ولها بالتأكيد مؤشراتها الاقتصادية والاجتماعية (البنت/الشباب/ العمل/ العطالة/الجريمة/ المخدرات/الكاميرا/ التفاعل/..الخ).
قال الراوي: حادثتا الاعتداء (جلد الطبيبة بالعقال) و(اغتصاب الفتاة) وإن حدثتا في مكانين وبلدين مختلفين إلا أنهما تعطيان فكرة عن تبدل حال المرأة السودانية، وارتفاع نسبة أعداد النساء العاملات داخل وطنهن السودان واغترابا وهجرة في بلدان الخليج ودول العالم الأخرى، وهو ما يؤشر بدوره إلى النقلة الكبيرة التي حدثت للمجتمع السوداني نتيجة للخلخلة الاقتصادية الأخيرة، وتحمل هذه التغيرات /خروج المرأة ومشاركتها الفاعلة في الحراك المجتمعي؛ جوانب إيجابية كبيرة، كما تواجه بجانب سلبي خطير تظهره مثل هذه الحوادث، فالنظرة الدونية للمرأة تلازم العقلية الذكورية المسيطرة هنا أو هناك في دول الاغتراب.
ختم الراوي؛ قال: نعم لابد من الجلوس لدراسة هذه الوضعية الجديدة لـ(المرأة السودانية) ووضع قوانين وإنفاذ معالجات عاجلة لحمايتها داخل الوطن وفي دول (الاختلاج).
استدرك الراوي؛ قال: علق مواطن خليجي على حادثة (العقال) ساخرا من المعتدي وساخطا عليه بقوله: (يا للرجولة يا للشهامة!).. وبدت كلماته كأنها تنعي أخلاق بعض الرجال.
أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي